ثوبها وهي حاسرة حتى انتهت إليه، وقالت: وا ثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة، اليوم ماتت أمي فاطمة، وأبي علي وأخي الحسن، يا خليفة الماضي وثمال الباقي 1، فنظر إليها الحسين عليه السلام وقال لها: يا أخية لا يذهبن حلمك الشيطان! وترقرقت عيناه بالدموع، وقال: لو ترك القطا [ليلا] 2 لنام، فقالت: يا ويلتا [ه] أفتغتصب نفسك اغتصابا؟
فذلك أقرح لقلبي وأشد على نفسي، ثم لطمت وجهها، وهوت إلى جيبها وشقته و خرت مغشيا عليها.
فقام إليها الحسين عليه السلام فصب على وجهها الماء وقال لها: [إيه] 3 يا أختاه اتقي الله وتعزي بعزاء الله، واعلمي أن أهل الأرض يموتون، وأهل السماء لا يبقون، وإن كل شئ هالك إلا وجه الله تعالى، الذي خلق الخلق بقدرته، ويبعث الخلق ويعودون 4 (إليه)، وهو فرد وحده، (جدي خير مني) وأبي خير مني وأمي خير مني و أخي خير مني، ولي ولكل مسلم برسول الله صلى الله عليه وآله أسوة، فعزاها بهذا ونحوه، وقال لها: يا أختاه إني أقسمت عليك فأبري قسمي، لا تشقي علي جيبا، ولا تخمشي علي وجها، ولا تدعي علي بالويل والثبور إذا أنا هلكت، ثم جاء بها حتى أجلسها عندي. 5 ثم خرج إلى أصحابه فأمرهم أن يقرب 6 بعضهم بيوتهم من بعض، وأن يدخلوا الاطناب بعضها في 7 بعض، وأن يكونوا بين البيوت فيستقبلون 8 القوم من 9 وجه واحد والبيوت من ورائهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، قد حفت بهم، إلا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم، ورجع عليه السلام إلى مكانه فقام ليلته كلها يصلي ويستغفر ويدعو