أنا برير وأبي خضير * ليث يروع الأسد عند الزأر يعرف فينا الخير أهل الخير * أضربكم ولا أرى من ضير كذاك فعل الخير من برير وجعل يحمل على القوم وهو يقول: اقتربوا مني يا قتلة المؤمنين، اقتربوا مني يا قتلة أولاد البدريين، اقتربوا مني يا قتلة أولاد رسول رب العالمين وذريته الباقين، و كان برير أقرأ أهل زمانه، فلم يزل يقاتل حتى قتل ثلاثين رجلا، فبرز إليه رجل يقال له: يزيد بن معقل فقال لبرير: أشهد أنك من المضلين، فقال له برير: هلم فلندع الله أن يلعن الكاذب منا، وأن يقتل المحق منا المبطل، فتصاولا فضرب يزيد لبرير ضربة خفيفة لم يعمل شيئا، وضربه برير ضربة قدت المغفر، ووصلت إلى دماغه، فسقط قتيلا.
قال: فحمل رجل من أصحاب ابن زياد فقتل بريرا رحمة الله عليه وكان يقال لقاتله، بخير بن أوس الضبي فجال في ميدان الحرب وجعل يقول:
سلي تخبري عني وأنت ذميمة * غداة حسين والرماح شوارع ألم آت أقصى ما كرهت ولم يحل * غداة الوغى والروع ما أنا صانع معي مزني لم تخنه كعوبه * وأبيض مشحوذ الغرارين قاطع فجردته في عصبة ليس دينهم * كديني وإني بعد ذاك لقانع وقد صبروا للطعن والضرب حسرا * وقد جالدوا لو أن ذلك نافع فأبلغ عبيد الله إذ ما لقيته * بأني مطيع للخليفة سامع قتلت بريرا ثم جلت لهمه * غداة الوغى لما دعى من يقارع قال: ثم ذكر له بعد ذلك أن بريرا كان من عباد الله الصالحين وجاءه ابن عم له وقال: ويحك يا بحير قتلت برير بن خضير فبأي وجه تلقى ربك غدا؟ فندم الشقي وأنشأ يقول:
فلو شاء ربي ما شهدت قتالهم * ولا جعل النعماء عند ابن جائر