فيها، وأراكم اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحل بكم نقمته، وجنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا، وبئس العبد أنتم، أقررتم بالطاعة، وآمنتم بالرسول محمد صلى الله عليه وآله ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم، لقد استحوذ عليكم الشيطان، فأنساكم ذكر الله العظيم، فتبا لكم ولما تريدون، إنا لله وإنا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين.
فقال عمر: ويلكم كلموه فإنه ابن أبيه، والله لو وقف فيكم هكذا يوما جديدا لما انقطع ولما حصر، فكلموه، فتقدم شمر لعنه الله فقال: يا حسين ما هذا الذي تقول؟
أفهمنا حتى نفهم، فقال: أقول: اتقوا الله ربكم ولا تقتلوني، فإنه لا يحل لكم قتلي، ولا انتهاك حرمتي، فإني ابن بنت نبيكم وجدتي خديجة زوجة نبيكم، ولعله قد بلغكم قول نبيكم صلى الله عليه وآله: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " إلى آخر ما سيأتي برواية المفيد 1.
وقال المفيد: ودعا الحسين عليه السلام براحلته فركبها ونادى بأعلى صوته: يا أهل العراق - وجلهم يسمعون - فقال: أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما يحق لكم علي، وحتى أعذر إليكم 2، فإن أعطيتموني النصف، كنتم بذلك أسعد، وإن لم تعطوني النصف من أنفسكم فاجمعوا رأيكم، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة، ثم اقضوا إلي ولا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب، وهو يتولى الصالحين.
ثم حمد الله وأثنى عليه، وذكر الله بما هو أهله، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وعلى ملائكته وعلى أنبيائه، فلم يسمع متكلم قط قبله ولا بعده أبلغ منه في منطق.
ثم قال: أما بعد فانسبوني، فانظروا من أنا، ثم راجعوا أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن (بنت) نبيكم، وابن وصيه وابن عمه، وأول مؤمن مصدق 3 لرسول الله صلى الله عليه وآله بما جاء به من عند ربه؟ أوليس حمزة سيد الشهداء عمي؟ أوليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي؟ أولم يبلغكم ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ فإن صدقتموني بما