الحصين بن نمير وأمره أن ينزل القادسية، وتقدم الحر بين يديه في ألف فارس يستقبل بهم الحسين عليه السلام، فلم يزل الحر مواقفا للحسين عليه السلام حتى حضرت صلاة الظهر، فأمر الحسين عليه السلام الحجاج بن مسروق أن يؤذن.
فلما حضرت الإقامة، خرج الحسين عليه السلام في إزار ورداء ونعلين، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم أن: " أقدم علينا فليس 1 لنا إمام لعل الله أن يجمعنا وإياكم 2 على الهدى و الحق " فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم، فأعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم و مواثيقكم، وإن لم تفعلوا (أ) وكنتم لمقدمي 3 كارهين، انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم، فسكتوا عنه ولم يتكلموا كلمة 4.
فقال للمؤذن: أقم، فأقام الصلاة، فقال للحر: أتريد أن تصلي بأصحابك، فقال الحر: لا بل تصلي أنت ونصلي بصلاتك، فصلى بهم الحسين عليه السلام، ثم دخل فاجتمع عليه 5 أصحابه، وانصرف الحر إلى مكانه الذي كان فيه، فدخل خيمة قد ضربت له، فاجتمع إليه خمسمائة 6 من أصحابه، وعاد الباقون إلى صفهم الذي كانوا فيه [فأعادوه]، ثم أخذ كل رجل منهم بعنان فرسه وجلس في ظلها.
فلما كان وقت العصر أمر الحسين عليه السلام أن يتهيأوا للرحيل، ففعلوا، ثم أمر مناديه فنادى بالعصر وأقام، فاستقدم الحسين عليه السلام وقام فصلى بالقوم، ثم سلم، و انصرف إليهم بوجهه، فحمد الله وأثنى عليه و 7 قال: أما بعد أيها الناس فإنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله، يكن أرضى لله عنكم، ونحن أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله أولى بولاية هذا الامر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجور و العدوان، فإن أبيتم إلا الكراهة لنا، والجهل بحقنا، وكان رأيكم الآن غير ما أتتني به كتبكم، وقدمت به علي رسلكم، انصرفت عنكم.