فيه: أما بعد فجعجع بالحسين حين [ي] بلغك كتابي [هذا] ويقدم عليك رسولي ولا تنزله إلا بالعراء في غير خضر وعلى غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري والسلام.
فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر: هذا كتاب الأمير عبيد الله يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني 1 كتابه، وهذا رسوله وقد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ أمره فيكم، فنظر يزيد بن مهاجر الكندي - وكان مع الحسين عليه السلام - إلى رسول ابن زياد فعرفه، فقال له: ثكلتك أمك ماذا جئت فيه قال: أطعت إمامي ووفيت ببيعتي، فقال له ابن المهاجر، بل عصيت ربك وأطعت إمامك في هلاك نفسك، وكسبت 2 العار والنار وبئس الامام إمامك، قال الله تعالى " وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيمة لا ينصرون " 3 فإمامك منهم، وأخذهم الحر بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولا في قرية، فقال له الحسين عليه السلام: دعنا ويحك ننزل [في] هذه القرية أو هذه - يعني نينوى والغاضرية - أو هذه يعني شفية 4، قال: لا والله ما 5 أستطيع ذلك، هذا رجل قد بعث إلي عينا علي، فقال له زهير بن القين: إني والله لا أرى أن 6 يكون بعد الذي ترون إلا أشد مما ترون، يا بن رسول الله إن قتال هؤلاء القوم الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعدهم مالا قبل لنا به، فقال الحسين عليه السلام: ما كنت لابدأهم بالقتال، ثم نزل وذلك اليوم يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم سنة إحدى وستين 7.
وقال السيد " ره ": فقام الحسين عليه السلام خطيبا في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إنه قد نزل [لنا] من الامر ما قد ترون، وإن الدنيا تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها [واستمرت حذاء] 8 ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الاناء، وخسيس عيش كالمرعى