أخته زينب، فقالت: يا أخي ألا أخبرك بشئ سمعته البارحة؟ فقال الحسين عليه السلام: وما ذاك؟ فقال: خرجت في بعض الليل لقضاء الحاجة فسمعت هاتفا يهتف، وهو يقول:
ألا يا عين فاحتفلي بجهد * ومن يبكي على الشهداء بعدي على قوم تسوقهم المنايا * بمقدار إلى إنجاز وعد فقال لها الحسين عليه السلام: يا أختاه كل الذي قضي فهو كائن. 1 وقال المفيد: وروى عبد الله بن سليمان والمنذر بن المشمعل الأسديان قالا:
لما قضينا حجتنا لم تكن لنا همة إلا اللحاق بالحسين عليه السلام في الطريق لننظر ما يكون من أمره، فأقبلنا ترقل بنا ناقتانا مسرعين، حتى لحقناه بزرود 2، فلما دنونا منه إذا نحن برجل من [أهل] الكوفة (و) قد عدل عن الطريق حين 3 رأى الحسين عليه السلام، فوقف الحسين عليه السلام كأنه يريده، ثم تركه ومضى ومضينا نحوه، فقال أحدنا لصاحبه:
اذهب بنا إلى هذا لنسأله فإن عنده خبر الكوفة، فمضينا حتى انتهينا إليه، فقلنا: السلام عليك، فقال: وعليكما السلام، قلنا: ممن الرجل؟ قال: أسدي، قلنا له: ونحن أسديان، فمن أنت؟ قال: أنا بكر بن فلان، فانتسبنا له، ثم قلنا له: أخبرنا عن الناس وراءك؟ قال: نعم، لم أخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، ورأيتهما يجران بأرجلهما في السوق.
فأقبلنا حتى لحقنا بالحسين عليه السلام فسايرناه حتى نزل الثعلبية ممسيا، فجئناه حين نزل فسلمنا عليه، فرد علينا السلام، فقلنا له: يرحمك 4 الله إن عندنا خبرا إن شئت حدثناك به علانية، وإن شئت سرا، فنظر إلينا وإلى أصحابه، ثم قال: ما دون هؤلاء سر، فقلنا له: [أ] رأيت الراكب الذي استقبلته عشي (- ة) أمس، فقال: نعم (و) قد أردت مسألته، فقلنا: قد والله استبرأنا لك خبره، وكفيناك مسألته، وهو امرؤ منا ذو رأي