الرسول، قال له: هذا الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام يدعوك، فقال عبيد الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، والله ما خرجت من الكوفة إلا كراهية أن يدخلها الحسين عليه السلام وأنا بها 1، والله ما أريد أن أراه ولا يراني.
فأتاه الرسول فأخبره، فقام [إليه] الحسين عليه السلام فجاء حتى دخل عليه وسلم وجلس، ثم دعاه إلى الخروج معه، فأعاد عليه عبيد الله بن الحر تلك المقالة واستقاله مما دعاه إليه، فقال له الحسين عليه السلام: فإن لم تكن تنصرنا فاتق الله أن لا تكون ممن يقاتلنا، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لم ينصرنا إلا هلك، فقال له: أما هذا فلا يكون أبدا إن شاء الله تعالى، ثم قال الحسين عليه السلام من عنده حتى دخل رحله.
ولما كان في آخر الليل أمر فتيانه بالاستقاء من الماء، ثم أمر بالرحيل، فارتحل من قصر بني مقاتل، فقال عقبة بن سمعان: فسرنا معه ساعة فخفق عليه السلام وهو على ظهر فرسه خفقة ثم انتبه وهو يقول: " إنا لله وإنا إليه راجعون " [و] الحمد لله رب العالمين، ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا، فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين فقال: مم حمدت الله واسترجعت؟ (ف) قال: يا بني إني خفقت خفقة فعن لي فارس على فرس وهو يقول: القوم يسيرون والمنايا تسير 2 إليهم، فعلمت أنها أنفسنا نعيت إلينا، فقال له:
يا أبت لا أراك الله سوءا، ألسنا على الحق؟ قال: بلى والله الذي إليه مرجع العباد، فقال: فإننا إذا ما 3 نبا لي أن نموت محقين، فقال له الحسين عليه السلام: جزاك الله من ولد خير ما جزى ولدا عن والده.
فلما أصبح نزل وصلى بهم الغداة، ثم عجل الركوب وأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرقهم فيأتيه الحر بن يزيد فيرده وأصحابه، فجعل إذا ردهم نحو الكوفة ردا شديدا امتنعوا عليه فارتفعوا، فلم يزالوا يتسايرون كذلك حتى انتهوا إلى نينوى بالمكان الذي نزل به الحسين عليه السلام، فإذا راكب على نجيب له عليه سلاح متنكبا قوسا مقبلا من الكوفة فوقفوا جميعا ينتظرونه، فلما انتهى إليهم سلم على الحر وأصحابه ولم يسلم على الحسين عليه السلام وأصحابه، ودفع إلى الحر كتابا من عبيد الله بن زياد لعنه الله فإذا