وقال السيد " ره ": فاستعبر باكيا ثم قال: اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلا كريما واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك إنك على كل شئ قدير. 1 وقال المفيد " ره ": فأخرج للناس كتابا، فقرأ " ره " عليهم " فإذا فيه ": 2 بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فإنه أتانا خبر فظيع: قتل مسلم بن عقيل، و هانئ بن عروة، و عبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج، ليس عليه 3 ذمام، فتفرق الناس عنه وأخذوا يمينا وشمالا حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة، ونفر يسير ممن انضموا إليه، وإنما فعل ذلك لأنه علم أن الاعراب الذين اتبعوه إنما اتبعوه وهم يظنون أنه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة أهلها، فكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون على ما يقدمون.
فلما 4 كان السحر أمر أصحابه، فاستقوا ماءا وأكثروا، ثم سار [وا] حتى مر ببطن العقبة، فنزل عليها، فلقيه شيخ من بني عكرمة يقال له: عمر (و) بن لوذان 5، قال له: 6 أين تريد؟ [ف] قال له الحسين عليه السلام: الكوفة، فقال له الشيخ: أنشدك الله لما انصرفت فوالله ما تقدم إلا على الأسنة، وحد السيوف، وإن هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطأوا لك الأشياء، فقدمت عليهم كان ذلك رأيا، فأما على هذه الحال التي تذكر فإني لا أرى لك أن تفعل، فقال [له]: يا عبد الله ليس يخفى علي الرأي ولكن 7 الله تعالى لا يغلب على أمره.
ثم قال عليه السلام: والله لا يدعونني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم، حتى يكونوا أذل فرق الأمم، ثم سار من 8 بطن العقبة حتى نزل شراف، فلما كان السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء وأكثروا، ثم سار [منها] حتى انتصف النهار، فبينما هو يسير إذ كبر رجل من أصحابه، فقال له الحسين عليه السلام: