وصدق وعقل، وإنه حدثنا أنه لم يخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانئ، و رآهما يجران في السوق بأرجلهما، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمة الله عليهما، يردد ذلك مرارا.
فقلنا له: ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلا انصرفت من مكانك هذا، فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة، بل نتخوف أن يكونوا عليك، فنظر إلى بني عقيل، فقال: ما ترون وقد قتل مسلم؟ فقالوا: والله ما 1 نرجع حتى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق، فأقبل [علينا الحسين] عليه السلام فقال: لا خير في العيش بعد هؤلاء، فعلمنا أنه قد عزم رأيه على المسير، فقلنا له: خار الله لك، فقال: يرحمكم الله، فقال له أصحابه: إنك والله ما أنت مثل مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان أسرع الناس إليك، فسكت 2.
وقال السيد " ره ": أتاه خبر مسلم في زبالة، ثم أنه سار فلقيه الفرزدق فسلم عليه ثم قال: يا بن رسول الله كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته؟ قال: فاستعبر الحسين عليه السلام باكيا، ثم قال: رحم الله مسلما فلقد صار إلى روح الله وريحانه وجنته 3 ورضوانه، ألا 4 إنه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا، ثم أنشأ يقول:
فإن تكن الدنيا تعد نفيسة * فدار ثواب الله أعلى وأنبل 5 وإن تكن الأبدان للموت أنشأت * فقتل امرئ بالسيف في الله أفضل وإن تكن الأرزاق قسما مقدرا * فقلة حرص المرء في الرزق 6 أجمل وإن تكن الأموال للترك جمعها * فما بال متروك به الحر يبخل 7 وقال المفيد " ره ": ثم انتظر حتى إذا كان السحر، فقال لفتيانه وغلمانه:
أكثروا من الماء فاستقوا وأكثروا، ثم ارتحلوا فسار حتى انتهى إلى زبالة فأتاه خبر عبد الله بن يقطر. 8