جاء 1 محمد بن الحنفية إلى الحسين عليه السلام في الليلة التي أراد الحسين عليه السلام الخروج في صبيحتها عن مكة، فقال له: يا أخي إن أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك و أخيك، وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى، فإن رأيت أن تقيم فإنك أعز من بالحرم وأمنعه، فقال: يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم، فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت، فقال له ابن الحنفية: فإن خفت ذلك فصر إلى اليمن أو بعض نواحي البر فإنك أمنع الناس به ولا يقدر عليك أحد، فقال: أنظر فيما قلت.
فلما كان السحر ارتحل الحسين عليه السلام، فبلغ ذلك ابن الحنفية، فأتاه فأخذ بزمام ناقته - وقد 2 ركبها - فقال: يا أخي ألم تعدني النظر فيما سألتك؟ قال: بلى، قال: فما حداك 3 على الخروج عاجلا؟ [ف] قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وآله بعدما فارقتك، فقال يا حسين اخرج (إلى العراق) فإن الله قد شاء أن يراك قتيلا، فقال محمد بن الحنفية: إنا لله وإنا إليه راجعون، فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال؟ " فقال له: قد قال لي صلى الله عليه وآله: " 4 إن الله قد شاء أن يراهن سبايا، فسلم عليه ومضى. 5 قال: وجاء عبد الله بن العباس و عبد الله بن الزبير فأشارا عليه 6 بالامساك، فقال لهما: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أمرني بأمر وأنا ماض فيه، قال: فخرج ابن العباس وهو يقول: وا حسيناه، ثم جاء عبد الله بن عمر فأشار عليه 7 بصلح أهل الضلال و حذره من القتل والقتال، فقال: يا أبا عبد الرحمان، أما علمت أن من هوان الدنيا على الله تعالى أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل، أما تعلم أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا، ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئا، فلم يعجل الله عليهم بل [أمهلهم و] أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز ذي انتقام، اتق الله يا أبا عبد الرحمان ولا تدع 8 نصرتي 9.