أرواك يوم العطش، فلما تجهز المشار إليه للخروج إلى الحسين بلغه قتله قبل أن يسير فجزع 1 من انقطاعه عنه.
وأما المنذر بن جارود فإنه جاء بالكتاب والرسول إلى عبيد الله بن زياد، لان المنذر خاف أن يكون الكتاب دسيسا من عبيد الله وكانت بحرية بنت المنذر بن جارود تحت عبيد الله 2 بن زياد فأخذ عبيد الله الرسول فصلبه، ثم صعد المنبر فخطب وتوعد أهل البصرة على الخلاف وإثارة الارجاف، ثم بات تلك الليلة، فلما أصبح استناب عليهم أخاه عثمان بن زياد وأسرع هو إلى قصد 3 الكوفة 4.
وقال ابن نما (ره): 5 كتب الحسين صلوات الله عليه كتابا إلى وجوه أهل البصرة، منهم: الأحنف بن قيس، وقيس بن الهيثم، والمنذر بن الجارود، ويزيد بن مسعود النهشلي وبعث الكتاب مع زراع السدوسي وقيل مع سليمان المكنى بأبي رزين فيه: " إني أدعوكم إلى الله وإلى نبيه فإن السنة قد أميتت، فإن تجيبوا دعوتي، وتطيعوا أمري، أهدكم سبيل الرشاد " فكتب الأحنف إليه، أما بعد " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون " 6 ثم ذكر أمر الرجلين مثل ما ذكره السيد رحمهما الله إلى أن قال:
فلما أشرف على الكوفة نزل حتى أمسى ليلا فظن أهلها أنه الحسين عليه السلام و دخلها مما يلي النجف، فقالت امرأة: الله أكبر ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ورب الكعبة، فتصايح الناس، قالوا: إنا معك أكثر من أربعين ألفا، وازدحموا عليه حتى أخذوا بذنب دابته وظنهم أنه الحسين عليه السلام، فحسر اللثام، وقال: أنا عبيد الله، فتساقط القوم و وطئ بعضهم بعضا، ودخل دار الامارة وعليه عمامة سوداء.
فلما أصبح قام خاطبا، وعليهم عاتبا، ولرؤسائهم مؤنبا، ووعدهم بالاحسان على لزوم طاعته، وبالإساءة على معصيته والخروج عن حوزته، ثم قال: يا أهل الكوفة إن أمير المؤمنين يزيد ولاني بلدكم، واستعملني على مصركم، وأمرني بقسمة فيئكم