والمسلمين، أما بعد فإن هانئا وسعيدا (قد) قدما علي بكتبكم، وكانا آخر من قدم علي من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم، أنه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق والهدى، وأنا 1 باعث إليكم أخي و ابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، فإن كتب إلي [ب] أنه قد اجتمع رأي ملاكم، وذوي الحجى والفضل منكم، على مثل ما قدمت به رسلكم، وقرأت في كتبكم، فإني أقدم إليكم وشيكا إن شاء الله تعالى، فلعمري ما الامام إلا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الدائن بدين الحق، الحابس نفسه على ذلك لله، 2 والسلام ".
ودعا الحسين عليه السلام مسلم بن عقيل فسرحه مع قيس بن مسهر الصيداوي و عمارة بن عبد الله السلولي، و عبد الرحمان بن عبد الله الأزدي 3 وأمره بالتقوى وكتمان أمره واللطف، فإن رأى الناس مجتمعين مستوسقين 4 عجل إليه بذلك.
فأقبل مسلم (ره) حتى أتى المدينة فصلى في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وودع من أحب من أهله، واستأجر دليلين من قيس، فأقبلا به يتنكبان الطريق فضلا عن الطريق، وأصابهما عطش شديد فعجزا عن السير، فأومأ له إلى سنن الطريق بعد أن لاح لهم 5 ذلك، فسلك مسلم ذلك السنن، ومات الدليلان عطشا، فكتب مسلم بن عقيل رحمة الله عليهما من الموضع المعروف بالمضيق مع قيس بن مسهر " أما بعد فإني أقبلت من المدينة مع دليلين فحازا عن الطريق فضلا واشتد عليهما 7 العطش فلم يلبثا أن ماتا، وأقبلنا حتى انتهينا إلى الماء فلم ننج إلا بحشاشة أنفسنا، وذلك الماء بمكان يدعى المضيق من بطن الخبت، وقد تطيرت من توجهي هذا، فإن رأيت أعفيتني [منه] 8 وبعثت غيري والسلام ".