بينكم، وإنصاف مظلومكم من ظالمكم، وأخذ الحق لضعيفكم من قويكم، والاحسان للسامع المطيع، والتشديد على المريب، فأبلغوا هذا الرجل الهاشمي مقالتي ليتقي غضبي، ونزل، يعني بالهاشمي: مسلم بن عقيل رضي الله عنه. 1 وقال المفيد (ره): وأقبل ابن زياد إلى الكوفة، ومعه مسلم بن عمرو الباهلي وشريك بن الأعور الحارثي وحشمه وأهل بيته حتى دخل الكوفة وعليه عمامة سوداء وهو متلثم، والناس قد بلغهم إقبال الحسين عليه السلام إليهم، فهم ينتظرون قدومه، فظنوا حسن رأوا عبيد الله أنه الحسين عليه السلام فأخذ لا يمر على جماعة من الناس إلا سلموا عليه، وقالوا: مرحبا بك يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله قدمت خير مقدم فرأى من تباشرهم بالحسين عليه السلام ما ساءه فقال مسلم بن عمرو - لما أكثروا -: تأخروا، هذا الأمير عبيد الله بن زياد.
وسار حتى وافى القصر بالليل، ومعه جماعة قد التفوا به لا يشكون أنه الحسين عليه السلام، فأغلق النعمان بن بشير عليه (الباب) وعلى خاصته، فناداه بعض من كان معه ليفتح لهم الباب، فاطلع عليه النعمان وهو يظنه الحسين عليه السلام، فقال: أنشدك الله إلا تنحيت والله ما أنا بمسلم إليك أمانتي، وما لي في قتالك من إرب فجعل لا يكلمه، ثم إنه دنا وتدلى النعمان من شرف القصر فجعل يكلمه، فقال: افتح لا فتحت، فقد طال ليلك، وسمعها إنسان خلفه، فنكص إلى القوم الذين اتبعوه من أهل الكوفة على أنه الحسين عليه السلام، فقال: يا قوم ابن مرجانة! والذي لا إله غيره، ففتح له النعمان، فدخل وضربوا الباب في وجوه الناس وانفضوا.
وأصبح فنادى في الناس الصلاة جامعة فاجتمع الناس فخرج إليهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن أمير المؤمنين يزيد ولاني مصركم وثغركم و فيئكم، وأمرني بإنصاف مظلومكم، وإعطاء محرومكم، والاحسان إلى سامعكم ومطيعكم كالوالد البر وسوطي وسيفي على من ترك أمري وخالف عهدي، فليتق امرؤ على نفسه، الصدق ينبي عنك لا الوعيد، ثم نزل.