لي في الرجوع إلى الدنيا فخذني إليك وأدخلني معك في قبرك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله:
لابد لك من الرجوع إلى الدنيا حتى ترزق الشهادة وما قد كتب الله لك فيها من الثواب العظيم، فإنك وأباك وأخاك وعمك وعم أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتى تدخلوا الجنة.
قال: فانتبه الحسين عليه السلام من نومه فزعا مرعوبا فقص رؤياه على أهل بيته و بني عبد المطلب فلم يكن في ذلك اليوم في مشرق ولا مغرب قوم أشد غما من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ولا أكثر باك ولا باكية منهم.
قال: وتهيأ الحسين عليه السلام للخروج من المدينة، ومضى في جوف الليل إلى قبر أمه فودعها، ثم مضى إلى قبر أخيه الحسن عليه السلام ففعل كذلك، ثم رجع إلى منزله وقت الصبح فأقبل إليه أخوه محمد بن الحنفية، وقال: يا أخي أنت أحب الخلق إلي و أعزهم علي ولست والله أدخر النصيحة لاحد من الخلق، وليس أحد أحق بها منك لأنك مزاج مائي ونفسي وروحي وبصري وكبير أهل بيتي ومن وجبت طاعته في عنقي، لان الله قد شرفك علي وجعلك من سادات أهل الجنة.
وساق الحديث كما مر إلى أن قال: تخرج إلى مكة فأن اطمأنت بك الدار بها فذاك، وإن تكن الأخرى خرجت إلى بلاد اليمن، فإنهم أنصار جدك وأبيك، و هم أرأف الناس، وأرقهم قلوبا، وأوسع الناس بلادا، فأن اطمأنت بك الدار، وإلا لحقت بالرمال وشعوب الجبال، وجزت 1 من بلد إلى بلد، حتى تنظر ما يؤول إليه أمر الناس ويحكم الله بيننا وبين القوم الفاسقين.
قال: فقال الحسين عليه السلام: يا أخي والله لو لم يكن (في الدنيا) ملجأ و لا مأوى، لما بايعت يزيد بن معاوية، فقطع محمد بن الحنفية الكلام وبكى، فبكى الحسين عليه السلام معه ساعة ثم قال: يا أخي جزاك الله خيرا، لقد نصحت وأشرت بالصواب وأنا عازم على الخروج إلى مكة، وقد تهيأت لذلك أنا وإخوتي وبنو أخي و شيعتي، وأمرهم أمري ورأيهم رأيي، وأما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم بالمدينة،