فكتب إليه الحسين عليه السلام: " أما بعد فقد خشيت 1 أن لا يكون حملك على الكتاب إلي في الاستعفاء من التوجه 2 الذي وجهتك [له] إلا الجبن، فامض لوجهك الذي وجهتك فيه والسلام ".
فلما قرأ مسلم الكتاب قال: أما هذا فلست أتخوفه على نفسي، فأقبل حتى مر بماء لطي فنزل [به] ثم ارتحل عنه، فإذا رجل يرمي الصيد، فنظر إليه قد رمى ظبيا حين أشرف له فصرعه، فقال مسلم بن عقيل: نقتل عدونا إن شاء الله تعالى.
ثم أقبل حتى دخل الكوفة، فنزل في دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي وهي التي تدعى اليوم دار مسلم بن المسيب، وأقبلت الشيعة تختلف إليه فكلما اجتمع إليه منهم جماعة قرأ عليهم كتاب الحسين عليه السلام وهم يبكون، وبايعه الناس حتى بايعه منهم ثمانية عشر ألفا، فكتب مسلم إلى الحسين عليه السلام يخبره ببيعة ثمانية عشر ألفا ويأمره بالقدوم، وجعلت الشيعة تختلف إلى مسلم بن عقيل - رحمه الله - حتى علم بمكانه.
فبلغ النعمان (بن) بشير ذلك وكان واليا على الكوفة من قبل معاوية فأقره يزيد عليها، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فاتقوا [الله] عباد الله ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة، فإن فيها تهلك الرجال، وتسفك الدماء، وتغصب الأموال، إني لا أقاتل من لا يقاتلني، ولا آتي على من لم يأت علي، ولا انبه نائمكم ولا أتحرش بكم، ولا آخذ بالقرف ولا الظنة ولا التهمة ولكنكم إن أبديتم صفحتكم لي و نكثتم 3 بيعتكم، وخالفتم إمامكم، فوالله الذي لا إله غيره لأضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن لي [منكم] ناصر، أما إني أرجو أن يكون من يعرف الحق منكم أكثر ممن يرديه الباطل.
فقام إليه عبد الله بن مسلم بن ربيعة الحضرمي حليف بني أمية، فقال له: إنه لا يصلح ما ترى [أيها الأمير] إلا الغشم 4 و [إن] هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوك، رأي المستضعفين، فقال له النعمان: (ل) إن أكون من المستضعفين في طاعة الله