وأخذ العرفاء والناس أخذا شديدا، فقال: اكتبوا إلي العرفاء! ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين، ومن فيكم من أهل الحرورية، وأهل الريب الذين شأنهم الخلاف والنفاق والشقاق، فمن يجئ لنا بهم فبرئ، ومن لم يكتب لنا أحدا فليضمن 1 لنا من في عرافته أن لا يخالفنا منهم مخالف، ولا يبغي علينا (منهم) باغ، فمن لم يفعل برئت منه الذمة وحلال لنا دمه وماله، وأيما عريف وجد في عرافته من بغية أمير المؤمنين أحد لم يرفعه 2 إلينا صلب على باب داره، وألغيت تلك العرافة من العطاء.
ولما سمع مسلم بن عقيل رحمة الله عليه مجئ عبيد الله إلى الكوفة، ومقالته التي قالها، وما أخذ به العرفاء والناس، خرج من دار المختار، حتى انتهى إلى دار هانئ ابن عروة فدخلها، فأخذت الشيعة تختلف إليه في دار هانئ على تستر واستخفاء من عبيد الله، وتواصوا بالكتمان، فدعا ابن زياد مولى له، يقال له: معقل، فقال (له):
خذ ثلاثة آلاف درهم واطلب مسلم بن عقيل والتمس أصحابه، فإذا ظفرت بواحد منهم أو جماعة فأعطهم هذه الثلاثة آلاف درهم، وقل لهم: استعينوا بها على حرب عدوكم وأعلمهم أنك منهم، فإنك لو قد أعطيتهم إياها لقد اطمأنوا إليك، ووثقوا بك، ولم يكتموك شيئا من أمورهم وأخبارهم، ثم اغد عليهم ورح حتى تعرف مستقر مسلم بن عقيل وتدخل عليه.
ففعل ذلك، وجاء حتى جلس إلى مسلم بن عوسجة الأسدي في المسجد الأعظم وهو يصلي، فسمع قوما يقولون: هذا يبايع للحسين، فجاء وجلس إلى جنبه حتى فرغ من صلاته، ثم قال: يا عبد الله إني امرؤ من أهل الشام أنعم الله علي بحب أهل البيت وحب من أحبهم وتباكى له، وقال: معي ثلاثة آلاف درهم أردت بها لقاء رجل منهم بلغني أنه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فكنت أريد لقاءه فلم أجد أحدا يدلني عليه ولا أعرف مكانه، فإني لجالس في المسجد الآن إذ سمعت نفرا من المؤمنين يقولون: هذا رجل له علم بأهل هذا البيت، وإني أتيتك لتقبض مني هذا المال وتدخلني على صاحبك، فإني أخ من إخوانك، وثقة عليك، وإن