أو حادوه عن أهله جورا، فلما آل الامر إليك أجريتهم على ما أجر يا رغبة عنهما بما عند الله لك فأشبهت محنتك بهما محن الأنبياء عند الوحدة وعدم الأنصار وأشبهت في البيات على الفراش الذبيح عليه السلام إذ أجبت كما أجاب، وأطعت كما أطاع إسماعيل صابرا محتسبا، إذ قال له يا بني إني أرى في المنام اني أذبحك فانظر ماذا ترى قال: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إنشاء الله من الصابرين، وكذلك أنت لما أباتك النبي صلى الله عليه وآله وأمرك أن تضجع في مرقده واقيا له بنفسك، أسرعت إلى إجابته مطيعا ولنفسك على القتل موطنا، فشكر الله تعالى طاعتك، وأبان عن جميل فعلك بقوله جل ذكره " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله " ثم محنتك يوم صفين وقد رفعت المصاحف حيلة ومكرا فأعرض الشك وعرف الحق واتبع الظن اشبهت محنة هارون إذ أمره موسى على قومه فتفرقوا عنه، وهارون ينادي بهم و يقول: يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمان فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى، وكذلك أنت لما رفعت المصاحف قلت يا قوم إنما فتنتم بها وخدعتم، فعصوك وخالفوك عليك واستدعوا نصب الحكمين فأبيت عليهم وتبرأت إلى الله من فعلهم وفوضته إليهم، فلما أسفر الحق وسفه المنكر، واعترفوا بالزلل والجور عن القصد واختلفوا من بعده وألزموك على سفه التحكيم الذي أبيته، وأحبوه و حظرته وأباحوا ذنبهم الذي اقترفوه، وأنت على نهج بصيرة وهدى، وهم على سنن ضلالة وعمى، فما زالوا على النفاق مصرين، وفي الغى مترددين، حتى أذاقهم الله وبال أمرهم فأمات بسيفك، من عاندك فشقي وهوى، وأحيا بحجتك من سعد فهدى، صلوات الله عليك غادية ورائحة وعاكفة وذاهبة، فما يحيط المادح وصفك، ولا يحبط الطاعن فضلك، أنت أحسن الخلق عبادة وأخلصهم زهادة، وأذبهم عن الدين، أقمت حدود الله بجهدك، وفللت عساكر المارقين بسيفك، تخمد لهب الحروب ببنانك وتهتك ستور الشبه ببيانك، وتكشف لبس الباطل عن صريح الحق، لا تأخذك في الله لومة لائم، وفي مدح الله تعالى لك غنى عن مدح المادحين وتقريظ الواصفين، قال الله تعالى:
" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " ولما رأيت أن قتلت الناكثين والقاسطين والمارقين وصدقك