جليلا عند المؤمنين، لم يكن لاحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز، ولا لاحد فيك مطمع، ولا لاحد عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب و البعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم فيما فعلت، قد نهج السبيل وسهل العسير وأطفئت النيران واعتدل بك الدين، وقوي بك الاسلام والمؤمنون، وسبقت سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الأنام، فانا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاءه وسلمنا لله أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا، كنت للمؤمنين كهفا و حصنا وقنة راسيا، وعلى الكافرين غلظة وغيظا، فألحقك الله بنبيه، ولا أحرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك.
وسكت القوم حتى انقضى كلامه وبكى. وبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم طلبوه فلم يصادفوه (1).
بيان: إنما أوردنا هذا الخبر هنا لان المتكلم كان الخضر عليه السلام كما يظهر من إكمال الدين (2) وقد خاطبه عليه السلام كما يظهر في هذا اليوم بهذا الكلام فناسب زيارته في هذا اليوم به، وقد أدرجه علماؤنا في بعض الزيارات السابقة و الآتية، والارتجاج الاضطراب، والعناء التعب ويقال حاطه يحوطه حوطا وحياطة إذا حفظه وصانه وذب عنه وتوفر على مصالحه، والهدي بالفتح السيرة والسمت هيئة أهل الخير " قوله عليه السلام ": وبرزت أي إلى الجهاد والاستكانة الخضوع و التذلل " قوله عليه السلام " ونهضت اي قمت بعبادة الله وأداء حقه وترويج دينه حين وهن وضعف ساير الناس الصحابة في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وبعده " قوله عليه السلام " إذ هم أصحابه أي قصد كل منهم مسلكا مخالفا للحق لمصالح دنياهم " قوله عليه السلام: "