شعاره ودثاره أسعده الله، ومن جعله إمامه الذي يقتدى به ومعوله الذي ينتهي إليه، آواه الله إلى جنات النعيم، والعيش السليم، فلذلك قال: " وهدى " يعني هذا القرآن هدى " وبشرى للمؤمنين " (1) يعني بشارة لهم في الآخرة، وذلك أن القرآن يأتي يوم القيامة بالرجل الشاحب يقول لربه عز وجل: يا رب هذا أظمأت نهاره، وأسهرت ليله، وقويت في رحمتك طمعه، وفسحت في مغفرتك أمله، فكن عند ظني فيك وظنه، يقول الله تعالى: أعطوه الملك بيمينه، والخلد بشماله، واقرنوه بأزواجه من الحور العين، واكسوا والديه حلة لا يقوم لها الدنيا بما فيها.
فينظر إليهما الخلائق، فيعظمونهما وينظر إلى أنفسهما فيعجبان منها فيقولان: يا ربنا أنى لنا هذه ولم تبلغها أعمالنا؟ فيقول الله عز وجل: ومع هذا تاج الكرامة، لم ير مثله الراؤون، ولم يسمع بمثله السامعون، ولا يتفكر في مثله المتفكرون، فيقال: هذا بتعليمكما ولدكما القرآن، وبتصيير كما إياه بدين الاسلام، وبرياضتكما إياه على حب محمد رسول الله وعلي ولي الله صلوات الله عليهما وتفقيهكما إياه بفقههما، لأنهما اللذان لا يقبل الله لاحد عملا إلا بولايتهما، ومعاداة أعدائهما، وإن كان ما بين الثرى إلى العرش ذهبا، يتصدق به في سبيل الله.
فتلك البشارات التي يبشرون بها، وذلك قوله عز وجل: " وبشرى للمؤمنين " شيعة محمد وعلي ومن تبعهما من أخلافهم وذراريهم (2).
35 - العدد: قال الحسن بن علي عليهما السلام: إن هذا القرآن فيه مصابيح النور وشفاء الصدور، فليجل جال بصره، وليلحم الصفة (3) فكره، فان التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.
36 - نهج البلاغة: قال عليه السلام: في القرآن نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم