يجب أن يكون، وكيف يكون حالهم إذا خرجوا من القدرة عليه، وهل يصح أن يعجز البشر عما يصح أن يقدروا عليه، وينظر فيما يمكن أن يتوصل إليه بالحيلة، وخفة اليد، ويعلم ما السبب المؤدي إليه وما لا يمكن ذلك فيه.
فمن ذا أحاط علمه بهذه المقدورات عرف حينئذ ما يظهر من المعجزة عليهم فيفصل بين حالها وبين ما يجي مجرى الشعوذة والمخرقة، كالعجل الذي صاغه السامري من ذهب لبس به على الناس، فكانت له صوت وخوار، إذ احتال بادخال الريح فيه من مداخله ومجاريه، كما نقل هذه للالات التي تصوت بالحيل أو صندوق الساعات، أو طاس الفصد الذي بعلم به مقدار الدم، وإنما أضاف مقال الصوت إليه لأنه كان محله دخول الريح في جوفه.
فصل: واعلم أن الفلاسفة أخذوا أصول الاسلام ثم أخرجوها على آرائهم فقالوا في الشرع والنبي: إنما أريدا كلاهما لا صلاح الدنيا، فالأنبياء يدبرون للعوام في مصالح دنياهم، والشرعيات تهذب أخلاقهم، لا أن الشارع والدين كما يقول المسلمون، من أن النبي يراد لتعريف مصالح الدين تفصيلا، وإن الشرعيات ألطاف في التكليف العقلي، فهم يوافقون المسلمين في الظاهر، وإلا فكل ما يذهبون إليه هدم للاسلام، وإطفاء لنور شرعه، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون (1).