الثاني عدم اعتبار الجهة فقالوا يلزم عليهم خروج بعض الصف المستطيل عن سمت القبلة.
ثم الظاهر من أكثر الاخبار أن الكعبة هي القبلة عينا أو جهة، وظاهر تلك الأخبار التي نقلناها أخيرا التفصيل الذي اختاره الفريق الثاني، فربما تحمل الاخبار الأولة على المسامحة من حيث إن الكعبة أشرف أجزاء الحرم، والمنظور إليه فيها، ويمكن أن تكون العلة في تلك المسامحة التقية أيضا لان الكعبة قبلة عند جمهور العامة.
وربما تحمل الأخبار الأخيرة على أن الغرض فيها بيان اتساع الجهة بحسب البعد، فكلما كان البعد أكثر كانت الجهة أوسع وقد تحمل على التقية (1) أيضا لان العامة رووا مثله عن مكحول بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وهو بعيد، لأنه خبر شاذ بينهم والمشهور عندهم هو الأول.
والحق أن المسألة لا تخلو من إشكال، إذ الاخبار متعارضة، وإن رجحت الاخبار الأولى بقوة أسانيدها وكثرتها فالاخبار الأخيرة معتضدة بالشهرة بين القدماء ومخالفة العامة. وكون التأويل فيها أبعد. والآية غير دالة على أحد المذهبين كما عرفت.
فالاحتياط يقتضي استقبال عين الكعبة إذا أمكن، وكذا عين المسجد إذا تيسر وكذا عين الحرم إذا أمكن ذلك، وأما النائي الذي لا يمكنه تحصيل عين الحرم، فالظاهر عدم النزاع في التوجه إلى الجهة، ولا فرق بين جهة الكعبة وجهة الحرم، فان الامارات مشتركة، وأما القول بنفي اعتبار الجهة أصلا فلا يخفى بطلانه.
ثم اعلم أن التياسر الذي دل عليه خبر المفضل المشهور بين الأصحاب استحبابه لأهل العراق قليلا، وظاهر الشيخ في النهاية والخلاف والمبسوط الوجوب، واستدل عليه في