من الآثار القديمة، عند تعمير المسجد في زماننا، ما يدل على خلافه، كما سيأتي ذكره (1).
مع أن الظاهر من بعض الأخبار أن هذا البناء غير البناء الذي كان في زمان أمير المؤمنين عليه السلام بل ظهر لي من بعض الأدلة والقرائن أن محراب مسجد النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة أيضا قد غير عما كان في زمانه صلى الله عليه وآله لأنه على ما شاهدنا في هذا الزمان موافق لخط نصف النهار، وهو مخالف للقواعد الرياضية من انحراف قبلة المدينة إلى اليسار قريبا من ثلاثين درجة، ومخالف لما رواه الخاصة والعامة من أنه صلى الله عليه وآله زويت له الأرض ورأي الكعبة، فجعله بإزاء الميزاب، فان من وقف بحذاء الميزاب يصير القطب الشمالي محاذيا لمنكبه الأيسر، ومخالف لبناء بيت الرسول الذي دفن فيه، مع أن الظاهر أن بناء البيت كان موافقا لبناء المسجد، و بناء البيت أوفق للقواعد من المحراب، وأيضا مخالف لمسجد قبا ومسجد الشجرة و غيرهما من المساجد التي بناها النبي صلى الله عليه وآله أو صلى فيها.
ولذا خص بعض الأفاضل ممن كان في عصرنا - ره - حديث المفضل وأمثاله على مسجد المدينة، وقال لما كانت الجهة وسيعة، وكان الأفضل بناء المحراب على وسط الجهات إلا أن تعارضه مصلحة كمسجد المدينة حيث بني محرابه على خط نصف النهار لسهولة استعلام الأوقات، مع أن وسط الجهات فيه منحرف نحو اليسار فلذا حكموا باستحباب التياسر فيه ليحاذي المصلي وسط الجهة المتسعة (2) وسيأتي مزيد توضيح لتلك المقاصد مع الاخبار والقرائن الدالة عليها في كتاب المزار والله أعلم وحججه عليهم السلام بحقائق الاخبار والآثار.
والذي يسهل العسر ويهين الامر في ذلك أنه يظهر من الآية والأخبار الواردة