وسعيد بن جبير وعكرمة، فجاء المؤذن فقال: " الله أكبر " واسم المؤذن قثم بن عبد الرحمن الثقفي، فقال ابن عباس: أتدرون ما قال المؤذن؟ فسأله أبو العالية فقال: أخبرنا بتفسيره.
قال ابن عباس: إذا قال المؤذن " الله أكبر الله أكبر " يقول: يا مشاغيل الأرض قد وجبت الصلاة، فتفرغوا لها، وإذا قال: " أشهد أن لا إله إلا الله " يقول: يقوم يوم القيامة ويشهد لي ما في السماوات وما في الأرض على أني أخبرتكم في اليوم خمس مرات، وإذا قال: " أشهد أن محمدا رسول الله " يقول: تقوم القيامة ومحمد يشهد لي عليكم أني قد أخبرتكم بذلك في اليوم خمس مرات، وحجتي عند الله قائمة، فإذا قال: " حي على الصلاة " يقول دينا قيما فأقيموه، وإذا قال: " حي على الفلاح " يقول: هلموا إلى طاعة الله وخذوا سهمكم من رحمة الله يعني الجماعة، وإذا قال العبد: " الله أكبر الله أكبر " يقول: حرمت الاعمال، وإذا قال " لا إله إلا الله " يقول: أمانة سبع سماوات وسبع أرضين والجبال والبحار، وضعت على أعناقكم إن شئتم أقبلوا وإن شئتم فأدبروا (1).
بيان: " يا مشاغيل الأرض " أي يذكرهم عظمة الله وكبرياءه، وقد نسوا ذلك بسبب أشغالهم التي لابد لهم من ارتكابها لمعاشهم، وبقاء نوعهم، وقد أمرهم في كل يوم خمس مرات بالصلاة، لئلا ينسوا ربهم وخالقهم ولا ينهمكوا في أشغال الدنيا و لذاتها وشهواتها، فيبعدوا عن ربهم، وبكلمة التوحيد يذكرهم أن ليس لهم سواه معبود وخالق ورازق ومفزع في أمورهم الدنيوية والأخروية، فلابد لهم من الرجوع إليه والطاعة له، فيستشهد المؤذن برفع صوته بذلك كل شئ أني أتممت عليهم الحجة فلم يبق لهم عذر في ذلك.
ثم بشهادة الرسالة يذكرهم أنه الرسول إليكم، ويلزمكم إطاعته فيما أمر به، وأفضل ما أمر به الصلاة، وهو الشاهد عليكم فيما تأتون وما تذرون، والخبر يدل على أن الفلاح الكامل إنما يحصل بالجماعة ثم يذكرهم ثانيا عظمة الله ليعلموا أنه يجب