إلى فقد استغنيتم عنه بالصلاة علي.
وقال في شرح الشفاء: ويحتمل كون النهي لرفع المشقة عن أمته، أو لكراهة أن يجاوزوا في تعظيم قبره، فيقسو به، وربما يؤدي إلى الكفر، و قال الكرماني في شرح البخاري: بيان ملائمة الصدر للعجز أن معناه لا تجعلوا بيوتكم كالقبور الخالية عن عبادة الله، وكذا لا تجعلوا القبور كالبيوت محلا للاعتياد لحوائجكم ومكانا للعيادة، أو مرجعا للسرور والزينة كالعيد.
وفي النهاية في قوله صلى الله عليه وآله:
" لا تجعلوا بيوتكم مقابر " أي لا تجعلوها لكم كالقبور فلا تصلوا فيها، لان العبد إذا مات وصار في قبره لم يصل، ويشهد له قوله: فيه " اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا " وقيل معناه لا تجعلوها كالمقابر التي لا تجوز الصلاة فيها، والأول أوجه انتهى.
وقال الطيبي في شرح المشكاة: هذا محتمل لمعان أحدها أن القبور مساكن الأموات الذين سقط عنهم التكليف، فلا يصلى فيها، وليس كذلك البيوت فصلوا فيها، وثانيها أنكم نهيتم عن الصلاة في المقابر لاعنها في البيوت، فصلوا فيها ولا تشبهوها بها، والثالث أن مثل الذاكر كالحي وغير الذاكر كالميت فمن لم يصل في البيت جعل نفسه كالميت، وبيته كالقبر، والرابع قول الخطابي لا تجعلوا بيوتكم أوطانا للنوم، فلا تصلوا فيها، فان النوم أخو الموت، وقد حمل بعضهم على النهي عن الدفن في البيوت، وذلك ذهاب عما يقتضيه نسق الكلام، على أنه صلى الله عليه وآله دفن في بيت عايشة مخافة أن يتخذوه مسجدا.
وقال الطيبي في شرح ما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " كانوا يجعلونها قبلة يسجدون إليها في الصلاة، كالوثن، أما من اتخذ مسجدا في جوار رجل صالح أو صلى في مقبرة قاصدا بها الاستظهار بروحه، أو وصول أثر من آثار عبادته إليه لا التوجه إليه والتعظيم له، فلا حرج عليه، ألا يرى أن مرقد إسماعيل في الحجر في المسجد الحرام والصلاة فيه أفضل.