ما يظهر منه قلة الأدب، لو وقع من غيرهم، ولذلك بحث طويل، وشواهد من الكتاب والسنة يخرج ذكره عن مناسبة المقام.
وقال أبان بن تغلب: دخلت على امرأة وقد نزل بابنها الموت، فقامت إليه فغمضته وسجته، ثم قالت يا بني ما الجزع فيما لا يزول، وما البكاء فيما ينزل بك غدا، يا بني تذوق ما ذاق أبوك، وستذوقه من بعدك أمك، وإن أعظم الراحة لهذا الجسد النوم والنوم أخو الموت، فما عليك إن كنت نائما على فراشك، أو على غيره، وإن غدا السؤال والجنة أو النار، فان كنت من أهل الجنة فما ضرك الموت، وإن كنت من أهل النار فما ينفعك الحياة، ولو كنت أطول الناس عمرا، يا بنى لولا أن الموت أشرف الأشياء لابن آدم لما أمات الله نبيه صلى الله عليه وآله وأبقى عدوه إبليس.
وعن مسلم بن يسار قال: قدمت البحرين، فأضافتني امرأة لها بنون ورقيق ومال ويسار، وكنت أراها محزونة فغبت عنها مدة طويلة، ثم أتيتها فلم أر ببابها إنسا، فاستأذنت عليها فإذا هي ضاحكة مسرورة، فقلت لها: ما شأنك؟ قالت:
إنك لما غبت عنا لم نرسل شيئا في البحر إلا غرق، ولا في البر شيئا إلا عطب وذهب الرقيق، ومات البنون، فقلت لها يرحمك الله رأيتك محزونة في ذلك اليوم ومسرورة في هذا اليوم؟ فقالت: نعم إني لما كنت فيما كنت فيه من سعة الدنيا خشيت أن يكون الله قد عجل لي حسناتي في الدنيا فلما ذهب مالي وولدي ورقيقي، رجوت أن يكون الله قد ذخر لي عنده شيئا.
وعن بعضهم قال: خرجت أنا وصديق لي إلى البادية، فضللنا الطريق، فإذا نحن بخيمة عن يمين الطريق، فقصدنا نحوها فسلمنا فإذا بامرأة ترد علينا السلام وقالت: من أنتم؟ قلنا: ضالون فأتيناكم فاستأنسنا بكم، فقالت: يا هؤلاء ولوا وجوهكم عني، حتى أقضي من حقكم ما أنتم له أهل، ففعلنا فألقت لنا مسحا فقالت اجلسوا عليه إلى أن يأتي ابني، ثم جعلت ترفع طرف الخيمة و