تبيين: اعلم أن المشهور بين الأصحاب كراهة نقل الميت إلى غير بلد موته من غير المشاهد المشرفة، بل نقل المحقق في المعتبر والعلامة في التذكرة وغيرهما إجماع العلماء عليه، والمشهور بينهم جواز النقل إلى المشاهد بل استحبابه وقال في المعتبر: إنه مذهب علمائنا خاصة، قال: وعليه عمل الأصحاب من زمن الأئمة عليهم السلام إلى الان، وهو مشهور بينهم لا يتناكرونه.
ونقل عمل الامامية وإجماعهم على ذلك في التذكرة والذكرى، واستدل في الذكرى بحديث عظام يوسف، وقال في التذكرة ولان موسى عليه السلام لما حضرته الوفاة سأل الله عز وجل أن يدنيه إلى الأرض المقدسة رمية حجر، قال النبي صلى الله عليه وآله لو كنت ثم لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر.
وقال المفيد في العزية: وقد جاء حديث يدل على رخصة في نقل الميت إلى بعض مشاهد آل الرسول صلى الله عليه وآله إن وصى الميت بذلك، وقال صاحب الجامع لو مات بعرفة فالأفضل نقله إلى الحرم.
ثم قال الشهيد - ره - ولو كان هناك مقبرة بها قوم صالحون، أو شهداء استحب الحمل إليها، لتناله بركتهم وبركة زيارتهم، ولو كان بمكة أو بالمدينة فبمقبرتيهما أما الشهيد فالأولى دفنه حيث قتل، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله ادفنوا القتلى في مصارعهم ثم قال: ويستحب جمع الأقارب في مقبرة، لان النبي صلى الله عليه وآله لما دفن عثمان ابن مظعون قال: أدفن إليه من مات من أهله، ولأنه أسهل لزيارتهم فيقدم الأب ثم من يليه في الفضل، والذكر على الأنثى. انتهى.
وقال الشهيد الثاني - ره -: يجب تقييد جواز النقل إلى المشاهد بما إذا لم يخف هتك الميت لبعد المسافة أو غيرها، ولا يخفى متانته، لأنه هتك لحرمة الميت وإضرار بالمؤمنين، مع أن النقل المنقول عن الأصحاب وفي الأخبار المعتبرة إنما كان من المسافات القريبة التي لم يستلزم النقل إليها مثل ذلك.
هذا كله في النقل قبل الدفن فأما بعده فالأكثر على عدم جوازه، وجوز الشيخ وجماعة نقله إلى المشاهد المشرفة، وقال ابن إدريس: لا يجوز نقله،