ليماري به السفهاء ويباهي به العلماء أو يطلب به الدنيا بدد الله عز وجل عظامه يوم القيامة، ولم يكن في النار أشد عذابا منه، وليس نوع من أنواع العذاب إلا ويعذب به من شدة غضب الله عليه وسخطه، ومن تعلم القرآن وتواضع في العلم وعلم عباد الله وهو يريد به ما عند الله لم يكن في الجنة أحد أعظم ثوابا منه، ولا أعظم منزلة منه، ولم يكن في الجنة منزلة ولا درجة رفيعة ولا نفيسة إلا كان له فيها أوفر النصيب وأشرف المنازل، ألا وإن العلم خير من العمل وملاك الدين الورع ألا وإن العالم من يعمل بالعلم وإن كان قليل العمل، ألا ولا تحقرن [من الذنوب] شيئا وإن صغر في أعينكم فإنه لا صغيرة بصغيرة مع الاصرار، ولا كبيرة بكبيرة مع الاستغفار، ألا وإن الله عز وجل سائلكم عن أعمالكم حتى عن مس أحدكم ثوب أخيه بأصبعه فاعملوا عباد الله أن العبد يبعث يوم القيامة على ما مات وقد خلق الله عز وجل الجنة والنار، فمن اختار النار على الجنة انقلب بالخيبة ومن اختار الجنة فقد فاز وانقلب بالفوز، لقول الله عز وجل: " فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز " (1) ألا وإن ربى أمرني أن أقاتل الناس حتى يقولوا: " لا إله إلا الله، فإذا قالوها اعتصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله، ألا وإن الله جل اسمه لم يدع شيئا مما يحبه إلا وقد بينه لعباده، ولم يدع شيئا يكرهه إلا وقد بينه لعباده، ونهاهم عنه، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.
ألا وإن الله عز وجل لا يظلم، ولا يجاوزه ظلم، وهو بالمرصاد ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، من أحسن فلنفسه، ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد.
يا أيها الناس إنه قد كبر سني، ودق عظمي، وانهدم جسمي، ونعيت إلى نفسي، واقترب أجلي واشتد مني الشوق إلى لقاء ربي، ولا أظن إلا وأن