مسوقة لأمر واحد وقد مر وجه آخر في تأويل الآية في كتاب الإمامة، وأنها نازلة في أهل البيت عليهم السلام وقد بيناه هناك.
وقال البيضاوي: المراد منه نفي الأسى المانع لأمر الله والفرح الموجب للبطر والاختيال، والله لا يحب كل مختال فخور، إذ قل من يثبت نفسه حالي السراء والضراء انتهى (1).
وروي في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: الزهد كله بين كلمتين في القرآن قال الله سبحانه: " لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتيكم " فمن لم يأس على الماضي، ولم يفرح بالآتي، فقد أخذ الزهد بطرفيه (2).
23 - الكافي: بالاسناد المتقدم، عن المنقري، عن سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل قلب فيه شك أو شرك فهو ساقط، وإنما أرادوا بالزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة (3).
24 - الكافي: عن علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن العلا بن رزين، عن محمد ابن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين: إن علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا، أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه مما قسم الله له عز وجل فيها، وإن زهد، وإن حرص الحريص على عاجل زهرة الدنيا لا يزيده فيها، وإن حرص، فالمغبون من حرم حظه من الآخرة (4).
بيان: " إن علامة الراغب " إشارة إلى ما عرفت من أن الدنيا والآخرة ضرتان لا يجتمع حبهما في قلب، فالراغب في أحدهما زاهد في الاخر، لا محالة و إنما ادخل العاجل لأنه السبب لاختيار الناس الدنيا غالبا على ثواب الآخرة آجلا أو لدلالته على عدم الثبات وقيل: لان زهرة الدنيا المتعلقة بالاجلة والآخرة كقدر ما يحتاج إليه الانسان لتحصيل ما ينفع في الآخرة لا ينافي الرغبة في ثوابها