بل معين لحصوله والمراد بزهرة الدنيا بهجتها أو نضارتها أو متاعها تشبيها له بزهرة النبات، لكونها أقل الريا حين ثباتا، وهو إشارة إلى قوله تعالى: " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى " (1).
قال في القاموس: الزهرة ويحرك النبات ونوره أو الأصفر منه، ومن الدنيا بهجتها ونضارتها وحسنها انتهى، قوله عليه السلام: " في هذه الدنيا " الإشارة للتحقير " وإن زهد " اي بالغ في الزهد، وكذا قوله: " وإن حرص " أو المراد بقوله: " وإن زهد " وإن سعى في صرفها عن نفسه، وبقوله: " وإن حرص " أي بالغ في تحصيلها، فالمراد بالزهد والحرص الأولين القلبيان، وبالأخرين الجسمانيان.
والحاصل أن الرزق لكل أحد مقدر، وإن كان وصولها إليه مشروطا بقدر من السعي على ما أمره الشارع من غير إفراط يمنعه عن الطاعات، ولا تقصير كثير بترك السعي مطلقا، ولا مدخل لكثرة السعي في كثرة الرزق، فمن ترك الطاعات وارتكب المحرمات في ذلك، حرم ثواب الآخرة، ولا يزيد رزقه في الدنيا فهو مغبون، وهذا على القول بأن مقدار الرزق معين مقدر، ولا يزيد بالسعي، ولا ينقص بتركه، وعلى القول بأن الرزق المقدر الواجب على الله تعالى هو القدر الضروري ويزيد بالكسب بالسعي، فيحتاج الخبر إلى تأويل بعيد، وسيأتي الكلام فيه في محله إنشاء الله تعالى.
25 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى الخثعمي عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما أعجب رسول الله صلى الله عليه وآله شئ من الدنيا إلا أن يكون فيها جائعا خائفا (2).
بيان: " إلا أن يكون فيها " كأن الاستثناء منقطع، ويحتمل الاتصال