سله التوفيق عما له عندك من الطاعات، والاستثناء ظاهره الانقطاع، ويحتمل الاتصال أيضا لان التوفيق والإعانة أيضا مما للعبد عند الله.
الثاني أن يكون المراد لا تسأل أحدا عما لك عند الله من الاجر والرزق وأمثالهما فإنها بيد الله وعلمها عنده ولا ينفعك السؤال عنها، بل سل العلماء عما لله عندك من الطاعات، لتعلم شرائطها وكيفياتها.
الثالث أن يكون المعنى أنك لا تحتاج إلى السؤال عما لك عند الله من الثواب فإنه بقدر ما لله عندك من عملك، فيمكنك معرفته بالرجوع إلى نفسك وعملك فعلى هذا يحتمل أن يكون التقدير لا تسأل عما لك عند الله من أحد إلا مما له عندك فيكون ماله عنده مسؤولا والاستثناء متصلا لكن في السؤال تجوز، ويؤيد الأخير على الوجهين ما روي في المحاسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب أن يعلم ما له عند الله، فليعلم ما لله عنده. وفي تحف العقول في هذا الخبر مكان هذه الفقرة هكذا " وانظر ما لله عندك في حياتك فكذلك يكون لك العهد عنده في مرجعك ".
قوله عليه السلام " فان تكن الدنيا " أقول: هذه الفقرة أيضا تحتمل وجوها الأول ما ذكره بعض المحققين أن المعنى إن تكن الدنيا عندك على غير ما وصفت لك فتكون تطمئن إليها فعليك أن تتحول فيها إلى دار ترضى فيها ربك يعني أن تكون في الدنيا ببدنك، وفي الآخرة بروحك، تسعى في فكاك رقبتك، وتحصيل رضا ربك عنك حتى يأتيك الموت.
الثاني ما ذكره بعض الأفاضل أن المعنى إن تكن الدنيا عندك على غير ذلك فانتقل إلى مقام التوبة والاستعتاب والاسترضاء، فان هذه عقيدة سيئة.
الثالث ما خطر بالبال أن المعنى إن لم تكن الدنيا عندك على ما وصفت لك فتوجه إلى الدنيا وانظر بعين البصيرة فيها، تفكر في أحوالها من فنائها وتقلبها بأهلها ليتحقق لك حقيقة ما ذكرت، وإنما عبر عليه السلام عن ذلك بالتحول إشعارا بأن من أنكر ذلك فكأنه لغفلته وغروره ليس في الدنيا فليتحول إليها