وقال عليه السلام: لا غنى مع فجور، ولا راحة لحسود، ولا مودة لملوك.
وقال لقمان لابنه: إياك والحسد، فإنه يتبين فيك، ولا يتبين فيمن تحسده.
30 - المجازات النبوية: قال صلى الله عليه وآله: الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
بيان: قال السيد رضي الله عنه في شرح هذا الخبر: هذه استعارة والمراد أن الحسد مخرج لصاحبه إلى الاقدام على المعاصي، والارتكاس في المهاوي، فيقع في الدماء الحرام، ويحتطب في حمائل الآثام، ويشرع في نقل النعم من أماكنها وإزعاجها عن مواطنها، فيكون عقاب هذه المحظورات محبطا لحسناته، ومسقطا لثواب طاعاته، على المذهب الذي أشرنا إليه فيما تقدم، فيصير الحسد الذي هو السبب في استحقاق العقاب، وإحباط الثواب، كأنه يأكل تلك الحسنات، لأنه يذهبها ويفنيها، ويسقط أعيانها ويعفيها.
وإنما شبه عليه السلام في أكله الحسنات بالنار التي تأكل الحطب لان الحسد يجري في قلب الانسان مجرى النار، لإهتياجه واتقاده وإرماضه وإحراقه، ومن هناك قال بعضهم: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد نفس يتضور، وزفير يتردد، وحزن يتجدد (1).
31 - الشهاب: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كاد الفقر أن يكون كفرا، وكاد الحسد أن يغلب القدر.
الضوء: كاد وعسى كلاهما من أفعال المقاربة، وكاد مشبه بعسى، وعسى مشبه بلعل، فلذلك لم يتصرف لأنه مشبه بحرف، والحرف لا يتصرف، وكاد أشد مقاربة من عسى، وإنما لم يأت من عسى الفعل المضارع، لان فيه معنى الطمع، والطمع لا يصح إلا في المستقبل فلو بني منه المضارع لصلح للحال والاستقبال معا، والطمع لا يصح في الحال، فلذلك اقتصر فيه على الماضي، وعسى ترفع الاسم وتنصب الخبر، إلا أن خبره لا يكون إلا فعلا مضارعا يدخله " أن "