والأقرب في الجواب أن نقول: هذه الواقعة إنما تتفق في الندرة فلعلها لم يشتهر بين الشياطين.
الثالث: قالوا: دلت التواريخ المتواترة على أن حدوث الشهب كان حاصلا قبل مجئ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك (1) فان الحكماء الذين كانوا موجودين قبل مجئ النبي صلى الله عليه وآله بزمان طويل ذكروا ذلك وتكلموا في سبب حدوثه.
وأجاب القاضي بأن الأقرب أن هذه الحالة كانت موجودة قبل النبي لكنها كثرت في زمانه صلى الله عليه وآله وسلم فصار بسبب الكثرة معجزا (2) انتهى.
وأقول: يمكن أن يقال في الجواب عن السؤال الأول: أما أولا فبأنه على تقدير كون المراد بالمصابيح الكواكب نمنع عدم التغير في أعدادها، لان جميعها غير مرصودة لا سيما على القول بأن المجرة مركبة من الكواكب الصغيرة.
وأما ثانيا فبأن يقال: يجوز أن يخلق الله تعالى في موضع الكوكب الذي يرمى به الشياطين كوكبا آخر فلا يحس بزواله.
وأما ثالثا فبأن يقال: لعله ينفصل من الكوكب جسم يحرق الشياطين ويهلكهم مع بقاء الكوكب، كما ينفصل عن النار شعل محرقة مع بقائها، والشهاب في الأصل شعلة نار ساطعة، ومنه قوله تعالى: " آتيكم بشهاب قبس ".
وأما السؤال الثاني فأجاب الشيخ رحمه الله في التبيان عنه بأنهم ربما جوزوا أن يصادفوا موضعا يصعدون منه ليس فيه ملك يرميهم بالشهب، أو اعتقدوا أن ذلك غير صحيح ولم يصدقوا من أخبرهم أنهم رموا حين أرادوا الصعود.
وقيل في الجواب: إذا جاء القضا عمي البصر، فإذا قضى الله عليه شيطان بالحرق قبض (3) الله من نفسه ما يبعثه على الاقدام على الهلكة، وربما غفل عن التجربة لشدة حرصه على درك المقصود، وقد يقال في الجواب عن الثالث: بأن ما حدث بولادته صلى الله عليه وآله