عالم فاضل صالح ورع، أنا توجهنا من مصر إلى مكة نريد الحج فنزلنا منزلا وخرج علينا ثعبان فثار الناس إلى قتله، فقتله ابن عمي: فاختطف ونحن نرى سعيه وتبادر الناس على الخيل والركاب يريدون رده فلم يقدروا على ذلك، فحصل لنا من ذلك أمر عظيم.
فلما كان آخر النهار جاء وعليه السكينة والوقار فسألناه ما شأنك؟ فقال: ما هو إلا أن قتلت هذا الثعبان الذي رأيتموه فصنع بي ما رأيتم، وإذا أنا بين قوم من الجن يقول بعضهم: قتلت أبي، وبعضهم قتلت أخي، وبعضهم قتلت ابن عمي، فتكاثروا علي وإذا رجل لصق بي وقال لي: قل: أنا أرضى بالله وبالشريعة المحمدية، فقلت:
ذلك، فأشار إليهم: أن سيروا إلى الشرع.
فسرنا حتى وصلنا إلى شيخ كبير على مصطبة، فلما صرنا بين يديه قال: خلوا سبيله وادعوا عليه، فقال الأولاد: ندعي عليه أنه قتل أبانا، فقلت: حاش لله إنا نحن وفد بيت الله الحرام نزلنا هذا المنزل فخرج علينا ثعبان فتبادر الناس إلى قتله فضربته فقتلته، فلما سمع الشيخ مقالتي قال: خلوا سبيله، سمعت ببطن نخلة عن النبي صلى الله عليه وآله: من تزيى بغير زيه فقتل فلا دية ولا قود انتهى.
وأقول: أخبرني والدي قدس سره، عن الشيخ الأجل البهي الشيخ بهاء الدين محمد العاملي روح الله روحه، عن المولى الفاضل جمال الدين محمود رحمه الله، عن أستاذه العلامة الدواني، عن بعض أصحابه أنه جرى عليه تلك الواقعة إلا أنه قال: ذهبت إلى الخلاء فظهرت لي حية فقتلتها فاجتمع علي جم غفير وأخذوني وذهبوا إلى ملكهم وهو جالس على كرسي وادعوا علي قتل والدهم وولدهم وقريبهم كما مر فسألني عن ديني فقلت: أنا من أهل الاسلام فقال: اذهبوا به إلى ملك المسلمين فليس لي أن أقضي عليهم بعهد من رسول الله.
فذهبوا بي إلى شيخ أبيض الرأس واللحية جالس على سرير، وقعت حاجباه على عينيه فرفعهما، ولما قصصنا عليه القصة قال: اذهبوا به إلى المكان الذي أخذتموه منه