عنده بدلالة الخسوف واختلاف المنظر وغير ذلك مما علم في الابعاد والاجرام. وقد يجاب عن ذلك بأنه لما لم يمكن أن تحمل النسب التي ذكرت بين هذه الموجودات في هذا الحديث على النسب المقدارية التي اعتبر مثلها بين الحلقة والفلاة اللتين هما المشبه بهما في جميع المراتب فإنه خلاف ما دل عليه العقول الصحيحة السليمة بعد التأمل في البراهين الهندسية والحسابية التي لا يحوم حولها الشك أصلا ولا تعتريها الشبهة قطعا، فيمكن أن يأول ويحمل على أن المعنى أن نسبة الحكم والمصالح المرعية في خلق كل من تلك المراتب إلى ما روعي فيما ذكر بعده كنسبة مقدار الحلقة إلى الفلاة ليدل على أن ما يمكننا أن نشاهد أو ندرك من آثار صنعه وعجائب حكمته في الشواهد ليس له نسبة محسوسة إلى أدنى ما هو محجوب عنا فكيف إلى ما فوقه. وأجاب آخرون:
بأن المعنى ارتفاع ثقل كل من تلك الموجودات عما اتصل به، فالطبقة الأولى من الأرض رفع الله ثقلها عن الطبقة الثانية فليس ثقلها عليها إلا كثقل حلقة على فلاة سواء كانت أكبر منها حجما أو أصغر. وأقول: على ما احتملنا سابقا من كون جميع الأفلاك أجزاء من السماء الدنيا داخلة فيها كما هو ظاهر الآية الكريمة يمكن حمل هذا التشبيه على ظاهره من غير تأويل، والله يعلم حقائق الموجودات.
11 - توحيد المفضل: قال: قال الصادق عليه السلام: فكر يا مفضل فيما خلق الله عز وجل عليه هذه الجواهر الأربعة ليتسع ما يحتاج إليه منها فمن ذلك سعة هذه الأرض وامتدادها، فلولا ذلك كيف كانت تتسع لمساكن الناس ومزارعهم ومراعيهم ومنابت أخشابهم وأحطابهم والعقاقير العظيمة والمعادن الجسيمة غناؤها، ولعل من ينكر هذه الفلوات الخالية (1) والقفار الموحشة يقول: ما المنفعة فيها؟ فهي مأوى هذه الوحوش ومحالها ومرعاها، ثم فيها بعد متنفس ومضطرب للناس إذا احتاجوا إلى الاستبدال بأوطانهم، وكم بيداؤكم فدفد حالت قصورا وجنانا بانتقال الناس إليها وحلولهم فيها، ولولا سعة الأرض وفسحتها لكان الناس كمن هو في حصار ضيق لا يجد