الله عز وجل يفعل ما يشاء (1).
81 - الاقبال: عن الحسين بن علي عليهما السلام في دعاء يوم عرفة: ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا، وخلقتني من التراب، ثم أسكنتني الأصلاب، أمنا لريب المنون واختلاف الدهور، فلم أزل ظاعنا من صلب إلى رحم في تقادم الأيام الماضية والقرون الخالية، لم تخرجني لرأفتك بي ولطفك لي وإحسانك إلي في دولة أيام الكفرة الذين نقضوا عهدك، وكذبوا رسلك، لكنك أخرجتني رأفة منك وتحننا علي للذي سبق لي من الهدى الذي (2) يسرتني وفيه أنشأتني، ومن قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك، وسوابغ نعمتك، فابتدعت خلقي من مني يمنى، ثم أسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم وجلد ودم، لم تشهرني بخلقي، ولم تجعل إلي شيئا من أمري ثم أخرجتني إلى الدنيا تاما سويا، وحفظتني في المهد طفلا صبيا، ورزقتني من الغذاء لبنا مريئا، وعطفت علي قلوب الحواضن، وكفلتني الأمهات الرحائم، وكلأتني من طوارق الجان، وسلمتني من الزيادة والنقصان، فتعاليت يا رحيم يا رحمان. حتى إذا استهللت ناطقا بالكلام، أتممت علي سوابغ الانعام، فربيتني زائدا في كل عام حتى إذا كملت فطرتي، واعتدلت سريرتي، أوجبت علي حجتك، بأن ألهمتني معرفتك، وروعتني بعجائب فطرتك، وأنطقتني لما ذرأت لي في سمائك وأرضك من بدائع خلقك، ونبهتني لذكرك وشكرك، وواجب طاعتك وعبادتك، وفهمتني ما جاءت به رسلك، ويسرت لي تقبل مرضاتك، ومننت علي في جميع ذلك بعونك ولطفك، ثم إذ خلقتني من حر الثرى لم ترض لي يا إلهي نعمة دون أخرى، ورزقتني من أنواع المعاش وصنوف الرياش، بمنك العظيم علي، وإحسانك القديم إلي، حتى إذا أتممت علي جميع النعم، وصرفت عني كل النقم، لم يمنعك جهلي وجرأتي عليك أن دللتني على ما يقربني إليك، ووفقتني لما يزلفني لديك - إلى آخر الدعاء - (3).