فيها ريح واحدة خلقت من نور مكتوب عليها الحياة (1) واللذات يقال لها البهاء، فإذا اشتاق أهل الجنة أن يزوروا ربهم هبت تلك الريح عليهم [التي] لم تخلق من حر ولا من برد بل خلقت من نور العرش تنفخ في وجوههم، فتبهي وجوههم وتطيب قلوبهم ويزدادوا نورا على نورهم، وتضرب أبواب الجنان، وتجري الأنهار، وتسبح الأشجار وتغرد الأطيار، فلو أن من في السماوات والأرض قيام يسمعون ما في الجنة من سرور وطرب لمات الخلائق شوقا إلى الجنة، والملائكة يدخلون عليهم (2) فيقولون كما قال الله عز وجل في محكم كتابه العزيز " سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين (3) سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " (4) قال: صدقت يا محمد.
قال: فأخبرني عن أرض الجنة ما هي؟ قال: يا ابن سلام، أرضها من ذهب، و ترابها المسك والعنبر، ورضراضها الدر والياقوت، وسقفها عرش الرحمن. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني مما يأكل أهل الجنة إذا دخلوها، قال: يا ابن سلام، يأكلون من كبد الحوت الذي يحمل الأرض وما عليها واسمه " به موت " قال صدقت يا محمد.
قال: فأخبرني عن أهل الجنة كيف يصرفون ما يأكلون من ثمارها؟ وكيف يخرج من أجوافهم؟ قال: يا ابن سلام، ليس يخرج من أجوافهم شئ، بل عرقا صبا أطيب من المسك وأزكى من العنبر، ولو أن عرق رجل من أهل الجنة مزج به البحار لأسكر ما بين السماء والأرض من طيب رائحته. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني عن لواء الحمد ما صفته؟ وكم طوله؟ وكم ارتفاعه؟ قال: يا ابن سلام، طوله ألف سنة، وأسنانه من ياقوتة [حمراء وياقوتة] خضراء، قوائمه من فضة بيضاء، له ثلاث ذوائب من نور:
ذؤابة بالمشرق، وذؤابة بالمغرب، والثالثة في وسط الدنيا. قال: صدقت يا محمد، فأخبرني كم سطر فيه مكتوب؟ قال: ثلاثة أسطر: السطر الأول بسم الله الرحمن الرحيم، والسطر