بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٨٠
موجود ممكن حتى يلزم القدم أيضا بل هو منتزع من بقائه تعالى، فكما أنهم يصححون ربط الحادث بالقديم بالحركة والزمان كذلك نصححه أيضا بالزمان وكون الزمان مقدار حركة الفلك ممنوع، بل نعلم بديهة أنه إذا لم يتحرك الفلك مثلا يتوهم هذا الامتداد المسمى بالزمان، والقول بأنه لعله من بديهة الوهم لا يصغى إليه (1).
ثم إن الزمان وإن كان وهميا فمعلوم أنه ليس وهميا اختراعيا بل وهميا نفس أمري، ومثل الوهمي يصح أن يكون منشأ للأمور الموجودة في الخارج لا بأن يكون فاعلا لها بل دخيلا فيها مع أن محققي الفلاسفة وافقونا على كون الزمان الممتد المتصل أمرا انتزاعيا مرتسما في الخيال وخالفونا فيما هو منشأ لانتزاعه فقالوا بوجود أمر قديم سرمدي في الخارج لا امتداد له ولا تقدر، واعتقدوا أن له جهتي استمرار وتنقل كالحركة التوسطية وسموه بالآن السيال، وزعموا أن ذلك الامر يفعل باستمراره وسيلانه في الخيال أمرا ممتدا متصلا غير قار الاجزاء في الوجود

(1) الأمور التي لها حظ من الوجود ونحو تحقق في الخارج سواء فرض هناك مدك أم لا هي الأمور الحقيقية كالماء والهواء والأرض وغيرها، ولا فرق فيها بين ما يدرك بالحواس كالمبصرات والمسموعات ومالا يدرك كذات البارئ تبارك وتعالى، وتنقسم إلى الواجب و الممكن، والممكن إلى الجوهر والاعراض التسعة ومنها الكم وهو منفصل ومتصل والمتصل قار وغير قار والكم المتصل غير القار هو الزمان. إذ عرفت هذا فاعلم أن قوله (نعلم بديهة انه إذا لم يتحرك الفلك مثلا أصلا يتوهم هذا الامتداد المسمى بالزمان.) ان أراد به انه يمكن وجود الزمان مع عدم وجود جسم أعم من الفلك وغيره فممنوع ودعوى البداهة كما ترى. كيف والزمان كما عرفت عرض لا يقوم الا بجوهر، وذات البارئ سبحانه أعلى وارفع وأجل وامنع من أن يصير موضوعا لعرض أو محلا لحال، أو يدركه عقل أو يناله وهم! ومن هنا تعرف ما في القول بانتزاع الزمان من ذاته تعالى وتقدس، وان أراد به عدم انحصار راسم الزمان في حركة الفلك الوضعية فله وجه لكنه لا يلائم الالتزام بانتزاعه من بقائه تعالى. وان أراد انه لا يتمكن الوهم من ادراك موجود خارج عن ظرف الزمان فيتوهم امتدادا يسمى بالزمان فانا لا ننكر عجز الوهم عن ذلك، لكن التوهم غير إدراك الواقع فالوهم لا يدرك ما هو خارج عن ظرف المكان أيضا فهل يمكن القول بعدم تحقق موجود خارج عن ظرف المكان؟!
(٢٨٠)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376