بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٧٣
منها بشرط وجود سابقة، ولا ينتهي إلى الوجوب القطعي البت الذي يكون تعالى موجبا له لذاته بدون شرط، لأنه عندهم أنه تعالى ليس بموجب تام لكل واحد من المعدات بل الحوادث مطلقا، وتأثيره تعالى في كل منها موقوف على تأثيره في معد سابق عليه لا إلى نهاية فوجوب كل منها وجوب شرطي لا يجب حتى يجب سابقه والوجوب الشرطي غير كاف لتحقق واحد منها، فإنه بمنزلة قضايا شرطية غير متناهية مقدم كل لاحق تال لسابقه، فإنه ما لم ينته إلى وضع مقدم لم ينتج شيئا ولو توقف تأثير الواجب في كل حادث وإيجاده إياه على إيجاد حادث آخر ولم تجب لذاتها تلك الايجادات لكان يجوز للواجب ترك إيجاد الحوادث بالكلية، و ما لم يمتنع هذا الاحتمال في نفس الامر لم يجب واحد منها في الواقع، لان وجوب كل حادث إنما هو بشرط إيجاد حادث آخر، وهكذا الكلام في ترك الايجاد رأسا وما لم يمتنع جميع أنحاء ارتفاعاته وعدماته في الوقع لم يجب وجوده (1).
وتوهم بعضهم أنه لا يمكن ارتفاع جميع الحوادث، لاستلزامه ارتفاع الطبيعة القديمة المستندة بلا شرط إلى الواجب تعالى شأنه. وهو مردود بأنه لا يعقل استناد

(١) حاصل هذا الوجه أنه بناء على كون كل حادث مسبوقا بمعد وكون المعد مسبوقا بآخر وهكذا إلى غير النهاية يلزم عدم وجود حادث لا يتوقف على معد أصلا، فكلما فرض حادث كان مسبوقا بمعدات متسلسلة غير متناهية ويتوقف وجوب وجود هذا الحادث عليها، فاذن ليس شئ لا يتوقف على أمر سوى الواجب، فيلزم أولا كون وجوب الوجود للحوادث شرطيا والوجوب الشرطي لا يوجب التحقق في الخارج، وثانيا جواز ترك الايجاد بالكلية على الواجب، لأنه ليس شئ من الحوادث بنفسه مستعدا لقبول الوجود من الواجب بل بشرط وجود حادث قبله، فله ان يترك الايجاد رأسا والجواب عن الأول انه بعد فرض وجود الشرط يصير الوجوب فعليا، و التعليق غير موجود في الخارج بل الذي هو في الخارج ويحكى عنه بالقضية الشرطية هو نحو من الارتباط الوجودي، ففي قولنا (ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود) لا يوجب اشتراط وجود النهار بطلوع الشمس وجوب وجود النهار، لكن مع فرض طائع الشمس لا محيص عن وجوب وجوده والخصم يفرض وجود الحوادث الغير المتناهية ومعه يصير وجوب الحادث فعليا. وان سئل عن حاله قبل وجود تلك المعدات أجاب بأنه لا يمكن فرض حادث لا يكون قبله حوادث غير متناهية فكلما فرض حادث في زمان كانت قبله حوادث وأزمنة غير متناهية وليست قبلها قبلية زمانية وعن الثاني بمنع الملازمة ومنيع بطلان التالي وهو واضح.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست