بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٧٢
ما ذكرنا في جريان هذا الدليل في المتعاقبة في جريان سائر البراهين فيها، فلا نطيل الكلام بالتعرض لخصوص كل مها.
البرهان الرابع: ما أورده الشيخ الكراجكي في الكنز بعدما أورد برهان التطبيق بوجه مختصر أنيق، قال: دليل آخر على تناهي ما مضى، وهو أنه قد مضت أيام وليالي وقفنا اليوم عند آخرها، فلا يخلو أن تكون الأيام أكثر عددا من الليالي، أو الليالي من الأيام، أو يكونا في العدد سواء، فإن كانت الأيام أكثر من الليالي تناهت الليالي، لأنها أقل منها، واقتضى ذلك تناهي الأيام أيضا، لبطلان اتصالها قبل الليالي بغير ليال بينها، فوجب على هذا الوجه تناهيهما معها، وإن كانت الليالي أكثر من الأيام، كان الحكم فيهما نظير ما قدمنا من تناهي الأول، فتتناهى الأيام لزيادة الليالي عليها، ويقتضي ذلك تناهي الليالي أيضا لما مر، فيلزم تناهيهما معها. وإن كانت الأيام والليالي في العدد سواء، كانا بمجموعهما أكثر عددا من أحدهما بانفراده، وهذا يشهد بتناهيهما، إذ لو كان كل واحد منهما في نفسه غير متناه ما تصورت العقول عددا أكثر منه، وقد علمنا أن الأيام مع الليالي جميعا أكثر عددا من أحدهما، وهذا موضح عن تناهيهما. وبهذا الدليل نعلم أيضا تناهي جميع ما مضى من الحركات والسكنات، ومن الاجتماعات والافتراقات، ومن الطيور و البيض والشجر والحب وما يجري مجرى ذلك (1) (انتهى).
ثم اعلم أنه يمكن إبطال ما ادعوه من التسلسل في الأمور المتعاقبة بل في غير المرتبة أيضا بوجوه أخرى نذكر بعضها:
الأول أنهم قالوا بالحوادث الغير المتناهية التي كل سابق منها علة معدة للاحق على سبيل الاستغراق، وأن إيجاد الواجب تعالى لكل منها مشروط بالسابق تحقيقا للأعداد، وتصحيحا لارتباط الحادث بالقديم، وأنه تعالى ليس بموجب تام لواحد منها. إذا تقرر هذا فنقول: لو تسلسلت المعدات على ما ذهبوا إليه لا إلى نهاية لزم أن يكون وجوب كل واحد منها وجوبا شرطيا، بمعنى أنه يجب كل

(1) يرد على هذا البرهان والبرهان السابق ما يرد على برهان التطبيق فأجد التأمل.
(٢٧٢)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376