بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٥٥
اشتملت على أدلة مجملة من تأمل فيها يحصل له القطع بالمقصود، ألا ترى إلى قولهم عليهم السلام في مواضع (لو كان الكلام قديما لكان إلها ثانيا)) وقولهم (وكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه) إشارة إلى أن الجعل لا يتصور للقديم، لان تأثير العلة إما إفاضة أصل الوجود وإما إفادة بقاء الوجود و استمرار الجعل الأول، و الأول هي العلة الموجدة، والثاني هي المبقية، والموجود الدائمي محال أن تكون له علة موجدة كما تحكم به الفطرة السليمة، سواء كان بالاختيار أو بالايجاب لكن الأول أوضح وأظهر.
ومما ينبه عليه أن في الحوادث المشاهدة في الآن الأول تأثير العلة هو إفاضة أصل الوجود، وفي كل آن بعده من آنات زمان الوجود تأثير العلة هو إبقاء الوجود واستمرار الجعل الأول، فلو كان ممكن دائمي الوجود فكل آن يفرض من آنات زمان وجوده الغير المتناهي في طرف الماضي فهو آن البقاء واستمرار الوجود، ولا يتحقق آن إفاضة أصل الوجود، فجميع زمان الوجود هو زمان البقاء، ولا يتحقق آن ولا زمان للإيجاد وأصل الوجود قطعا (1).
فنقول في توجيه الملازمة في الخبر الأول: لو كان الكلام الذي هو فعله تعالى قديما دائمي الوجود لزم أن لا يحتاج إلى علة أصلا، أما الموجدة فلما مر، وأما المبقية فلأنها فرع الموجدة، فلو انتفى الأول انتفى الثاني بطريق أولى، والمستغني عن العلة أصلا هو الواجب الوجود، فيكون إلها ثانيا وهو خلاف المفروض أيضا لأن المفروض أنه كلام الواجب وفعله سبحانه. ومثله يجري في الخبر الثاني.
ويؤيده ما روى في الكافي وغيره في حديث الفرجة عن الصادق عليه السلام حيث قال للزنديق: ثم يلزمك إن ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتى يكونا اثنين، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما. فيلزمك ثلاثة (الخبر) (2) حيث حكم على الفرجة

(١) من الواضح اختصاص هذا البيان بما هو واقع في ظرف الزمان دون نفسه وما هو خارج عنه.
(٢) الكافي: ج ١، ص 81.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376