بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٥٦
من جهة القدم بكونه إلها ثالثا واجب الوجود.
إذا تقرر هذا فاعلم أن علة الحاجة إلى المؤثر حينئذ يمكن أن تكون هي الامكان لان مصداق مفهوم الامكان حينئذ منحصر في الحوادث، والفرد المفروض أنه قديم لا يصدق عليه الامكان في نفس الامر، بل من أفراد الممتنع، لاستلزامه التسلسل المستحيل مطلقا كما سيجيئ، والممتنع بالذات قد يكون مركبا كالمجموع المركب من الضدين والنقيضين. ويمكن أن تكون علة الحاجة إلى المؤثر هي الحدوث أو الامكان بشرط الحدوث، وقد ذهب إلى كل منها جماعة، وأحد الأخيرين هو الظاهر من أكثر الاخبار كما أومأنا إليه في بعضها (1). ومنها حديث الرضا عليه السلام في علة خلق السماوات والأرض في ستة أيام.
ويدل عليه ما روي عن الرضا عليه السلام أنه دخل عليه رجل فقال: يا ابن رسول الله! ما الدليل على حدوث العالم؟ قال: إنك لم تكن ثم كنت، وقد علمت أنك لم تكون نفسك، ولا كونك، من هو مثلك. فإن الظاهر أن مراد السائل من حدوث العالم إثبات الصانع بناء على التلازم بينهما بقرينة الجواب، واستدل عليه السلام بوجود المخاطب بعد عدمه أي حدوثه الزماني على الصانع تعالى (2).
ومن الدلائل على الحدوث ما يدل على أوليته تعالى، فإن الأولية

(1) لم نجد في الاخبار الشريفة ما يدل على المدعى، وقد عرفت عدم دلالة ما تمسك به لذلك فراجع.
(2) لاشك انه عليه السلام استدل من طريق حدوث المخاطب الثابت بالوجدان على وجود الصانع، لكن من الممكن أن يكون قد استدل بالحدوث على الامكان وبالامكان على وجود الصانع، واكتفى بذكر الحدوث لوضوح الملازمة بينه وبين الامكان، فلا يثبت به العكس أعني ملازمة الامكان مع الحدوث أيضا، وعلى هذا فلا يستفاد منه ان ملاك الاحتياج إلى المؤثر هو الحدوث أو الامكان بشرط الحدوث كما لا يخفى على أنه قد ثبت في محله بالبرهان القطعي ان الملاك مجرد الامكان لا غير، وصريح به المحقق الطوسي في التجريد، ولو فرض وجود ما ظاهره خلاف ذلك لوجب صرفه عن ظاهره.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376