بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٥٩
الاعتقادية بوجه لا يقبل التأويل أصلا، كما قال الإمام الرازي: لا يمكن الجمع بين الايمان بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وإنكار الحشر الجسماني، فإنه قد ورد من القرآن المجيد التصريح به، بحيث لا يقبل التأويل أصلا.
وأقول: لا يمكن الجمع بين قدم العالم والحشر الجسماني أيضا، لان النفوس الناطقة أو كانت غير متناهية على ما هو مقتضى القوم بقدم العالم (1) امتنع الحشر الجسماني عليهم، لأنه لابد في حشرهم جميعا من أبدان غير متناهية، و أمكنة غير متناهية، وقد ثبت أن الابعاد متناهية. ثم التأويلات التي يتمحلونها في كلام الأنبياء عسى أن يتأتى مثلها في كلام الفلاسفة، بل أكثر تلك التأويلات من قبيل المكابرات للسوفسطائية، فإنا نعلم قطعا أن المراد من هذه الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة هي معانيها المتعارفة عند أهل اللسان، فإنا كما لا نشك في أن من يخاطبنا بالاستفسار عن مسألة الجزء الذي لا يتجزأ لا يريد بذلك الاستفسار عن حال زيد مثلا في قيامه وقعوده، كذلك لا نشك في أن المراد بقوله تعالى:
(قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) هو هذه المعاني الظاهرة، لا معنى آخر من أحوال المعاد الروحاني الذي يقول به الفلاسفة!
وبالجملة: فنصوص الكتاب يجب الحمل على ظاهرها، والتجاوز عن هذا النهج غي وضلال، والتزامه طريق أهل الكمال (انتهى).
ولقد أحسن وأجاد، لكن ما يظهر من كلامه من أن النصوص الواردة في الحدوث قابلة للتأويل البعيد ليس كذلك، بل إن كان بعضها قابلا فالمجموع يفيد القطع بالمقصود، ولعله إنما قال ذلك لعدم اطلاعه على نصوص أئمة الهدى عليهم السلام أو لعدم اعتقاده بها كما هو ظاهر حاله، وإن أشعر بالتدين بالحق في بعض المواضع.
وأما منافاة القول بالقدم مع الحشر الجسماني فإنما يتم لو ذهبوا إلى عدم تناهي

(1) لا ملازمة بين القول بقدم العالم وبين القول بقدم النوع الانساني كما لا يخفى، نعم ظاهر ما حكى عن بعض قدماء الفلاسفة قدم جميع الأنواع وانكار الحشر الجسماني.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376