بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٥٠
القسمة الانفكاكية متحركة لذاتها حركات دائمة ثم اتفق في تلك الأجزاء أن تصادمت على وجه خاص، فحصل من تصادمها على ذلك الوجه هذا العالم على هذا الشكل فحدثت السماوات والعناصر، ثم حدثت من الحركات السماوية امتزاجات هذه العناصر، ومنها هذه المركبات. ونقل الشيخ في الشفاء عنه أنه قال: إن هذه الاجزاء إنما تتخالف بالشكل وإن جوهرها جوهر واحد بالطبع، وإنما تصدر عنها أفعال مختلفة لأجل الاشكال المختلفة. وقالت الثنوية: أصل العالم هو النور والظلمة.
والفرقة الثانية الذين قالوا أصل العالم ليس بجسم، وهم فريقان:
الأول الجرمانية، وهم الذين أثبتوا القدماء الخمسة: البارئ تعالى، والنفس والهيولي، والدهر، والخلاء. قالوا: البارئ تعالى في غاية التمام في العلم والحكمة لا يعرض له سهو ولا غفلة، [و] يفيض عنه العقل كفيض النور عن القرص، وهو يعلم الأشياء علما تاما، وأما النفس فإنه يفيض عنه الحياة فيض النور عن القرص لكنها جاهلة لا تعلم الأشياء ما لم تمارسها، وكان البارئ تعالى عالما بأن النفس تستميل إلى التعلق بالهيولى وتعشقها وتطلب اللذة الجسمية وتكره مفارقة الأجساد وتنسى نفسها، ولما كان من شأن البارئ تعالى الحكمة التامة عمد إلى الهيولي بعد تعلق النفس بها، فركبها ضروبا من التركيب، مثل السماوات والعناصر، وركب أجسام الحيوانات على الوجه الأكمل، والذي بقي فيها من الفساد غير ممكن الزوال. ثم إن الله تعالى أفاض على النفس عقلا وإدراكا وصار ذلك سببا لتذكرها عالمها، وسببا لعلمها بأنها لا تنفك عن الآلام ما دامت في العالم الهيولاني، وإذا عرفت النفس هذا وعرفت أن لها في عالمها اللذات الخالية عن الألم اشتاقت إلى ذلك العالم، وعرجت بعد المفارقة، وبقيت هناك أبد الآباد في نهاية البهجة والسعادة. قالوا: وبهذا الطريق زالت الشبهات الدائرة بين الفلاسفة القائلين بالقدم، وبين المتكلمين القائلين بالحدث.
الفريق الثاني أصحاب فيثاغورس، وهم الذين قالوا: المبادئ هي الاعداد المتولدة من الوحدات، لان قوام المركبات بالبسائط وهي أمور كل واحد منها واحد في نفسه، ثم تلك الأمور إما أن تكون لها جهات وراء كونها وحدات أولا
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376