حديدة في اللجام [و] تكون على حنك الفرس تمنعه عن مخالفة راكبه.
ثم إنه أورد هنا (1) إشكال، وهو أن كلامه عليه السلام يشعر بأن هيجان الماء وغليانه وموجه سكن بوضع الأرض عليه، وهذا خلاف ما نشاهده ويقتضيه العقل لأن الماء الساكن إذا جعل فيه جسم ثقيل اضطرب وتموج وصعد علوا فكيف الماء المتموج يسكن بطرح الجسم الثقيل فيه؟
وأجيب بأن الماء إذا كان تموجه من قبل ريح هائجة جاز أن يسكن هيجانه بجسم يحول بينه وبين تلك الريح، ولذلك إذا جعلنا في الاناء ماء وروحنا بمروحة فإنه يتحرك، فإن جعلنا على سطح الماء جسما يملا حافات الاناء و روحناه بالمروحة فإن الماء لا يتحرك، لان ذلك الجسم قد حال بين الهواء المجتلب بالمروحة وبين سطح الماء، فمن الجائز أن يكون الماء في الأول هائجا لأجل ريح محركة له فإذا وضعت الأرض عليه حال بين سطح الماء وبين تلك الريح وسيأتي في كلامه عليه السلام ذكر هذه الريح حيث قال: اعتقم مهبها إلى آخر ما سيأتي. والأولى أن يقال: إن غرضه عليه السلام ليس نفي التموج مطلقا بل نفي التموج الشديد الذي كان للماء إذ حمله سبحانه على متن الريح العاصفة، والزعزع القاصفة بقدرته الكاملة وأنشأ ريحا لمخضه مخض السقاء، فكانت كرة الماء تندفق من جميع الجوانب وترد الريح أوله على آخر وساجيه على مائره، كما سيأتي في كلامه عليه السلام ثم لما كبس الأرض بحيث لم يحط الماء بجميعها فلا ريب في انقطاع الهبوب والتمويج (2) من ذلك الجانب المماس للأرض من الماء، وأيضا لما منعت الأرض سيلان الماء من ذلك الجانب إذ ليست الأرض كالهواء المنفتق المتحرك الذي كان ينتهي إليه ذلك الحد من الماء كان ذلك أيضا من أسباب ضعف التموج وقلة التلاطم، وأيضا لما تفرقت كرة الماء في أطراف الأرض ومال الماء بطبعه إلى المواضع المنخفضة من الأرض وصار البحر الواحد المجتمع بحارا متعددة وإن اتصل بعضها ببعض وأحاطت السواحل بأطراف