ابن جمهور أميرا غير مأمور وأبياتا من نحو هذا، فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئا ولم أقل له وأقبلت أبكي لما رأيته، واجتمع علي وعليه الصبيان والناس وجاء حتى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون: جن جابر ابن يزيد، فوالله ما مضت الأيام حتى ورد كتاب هشام عبد الملك إلى واليه أن انظر رجلا يقال له: جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه فالتفت إلى جلسائه فقال لهم: من جابر بن يزيد الجعفي؟ قالوا: أصلحك الله كان رجلا له علم وفضل وحديث وحج فجن وهو ذا في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم، قال: فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب على القصب، فقال: الحمد لله الذي عافاني من قتله، قال: ولم تمض الأيام حتى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر (1).
بيان: فيد: منزل بطريق مكة، والمعنى أنك إذا توجهت من فيد إلى المدينة فهو أول منازلك، والحاصل: أن الطريق من الكوفة إلى مكة وإلى المدينة مشتركان إلى فيد ثم يفترق الطريقان، فإذا ذهبت إلى المدينة عادلا عن طريق مكة فأول منزل تنزله الأخيرجة.
وقيل: أراد به أن المسافة بين الأخيرجة وبين المدينة كالمسافة بين فيد والمدينة.
وقيل: المعنى أن المسافة بينها وبين الكوفة كانت مثل ما بين فيد والمدينة وما ذكرنا أظهر.
ومنصور بن جمهور كان واليا بالكوفة ولاه يزيد بن الوليد من خلفاء بني أمية بعد عزل يوسف بن عمر في سنة ست وعشرين ومائة، وكان بعد وفات الباقر عليه السلام باثنتي عشرة سنة، ولعل جابرا رحمه الله أخبر بذلك فيما أخبر من وقائع الكوفة.
86 - بصائر الدرجات: محمد بن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن سدير الصيرفي