الباقر، وجعل أمرهم إليه، وكان فيما وعظه في وصيته أن قال: يا بني إن العقل رائد الروح والعلم رائد العقل، والعقل ترجمان العلم، واعلم أن العلم أبقى، و اللسان أكثر هذرا. واعلم يا بني أن صلاح الدنيا بحذافيرها في كلمتين إصلاح شأن المعايش ملء مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل لان الانسان لا يتغافل إلا عن شئ قد عرفه ففطن له، واعلم أن الساعات تذهب عمرك، وأنك لا تنال نعمة إلا بفراق أخرى، فإياك والأمل الطويل، فكم من مؤمل أملا لا يبلغه وجامع مال لا يأكله ومانع مأسوف يتركه، ولعله من باطل جمعه ومن حق منعه، أصابه حراما وورثه، احتمل إصره، وباء بوزره، ذلك هو الخسران المبين (1).
بيان: قال الجزري: أصل الرائد الذي يتقدم القوم يبصر له الكلاء، و مساقط الغيث، ومنه الحديث: الحمى رائد الموت أي رسوله الذي يتقدمه كما يتقدم الرائد قومه انتهى (2) والترجمان المفسر للسان ويقال هذر كلامه كفرح أي كثر في الخطاء والباطل والهذر محركة الكثير الردئ أو سقط الكلام قاله الفيروزآبادي (3) وقال: أخذه بحذفاره وبحذافيره بأسره أو بجوانبه أو بأعاليه والكلمتان ما ذكر بعده إلى قوله " واعلم " أو إلى قوله " لان الانسان " والتعليل مع عدم كلمة إلا لبيان لزوم التغافل، وأن أكثر الناس لا يتغافلون عما فطنوا له فيصيبهم لذلك البلايا، وعلى تقديرها يحتمل أن يكون تعليلا لكل من الجزئين ولهما.
8 - الكفاية: أبو المفضل الشيباني، عن أبي بشر الأسدي، عن خاله أبي عكرمة ابن عمران الضبي، عن محمد بن المفضل الضبي، عن أبيه المفضل بن محمد، عن مالك ابن أعين الجهني قال: أوصى علي بن الحسين عليه السلام ابنه محمد بن علي عليه السلام فقال:
بني إني جعلتك خليفتي من بعدي لا يدعي فيما بيني وبينك أحد إلا قلده الله