وما أنت بأفضل مني في الدين ولا بخير مني، فكيف أقر لك بما سألت!؟ فقال له يزيد: إن لم تقر لي والله قتلتك، فقال له الرجل: ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي ابن رسول الله صلى الله عليه وآله، فأمر به فقتل، ثم أرسل إلى علي بن الحسين عليهما السلام فقال له مثل مقالته للقرشي، فقال له علي بن الحسين عليهما السلام:
أرأيت إن لم أقر لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس؟ فقال له يزيد لعنه الله: بلى، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: قد أقررت لك بما سألت، أنا عبد مكره فإن شئت فأمسك، وإن شئت فبع، فقال له يزيد لعنه الله: أولى لك حقنت دمك، ولم ينقصك ذلك من شرفك (1).
بيان: قال الجوهري: قولهم أولى لك: تهدد ووعيد، وقال الأصمعي:
معناه قاربه ما يهلكه أي نزل به، انتهى، أقول: هذا المعنى لا يناسب المقام وإن احتمل أن يكون الملعون بعد في مقام التهديد، ولم يرض بذلك عنه صلوات الله عليه، ويمكن أن يكون المراد أن هذا أولى لك وأحرى مما صنعه القرشي.
ثم اعلم أن في هذا الخبر إشكالا وهو أن المعروف في السير أن هذا الملعون لم يأت المدينة بعد الخلافة، بل لم يخرج من الشام حتى مات ودخل النار، فنقول:
مع عدم الاعتماد على السير لا سيما مع معارضة الخبر، يمكن أن يكن اشتبه على بعض الرواة، وكان في الخبر أنه جرى ذلك بينه عليه السلام وبين من أرسله الملعون لاخذ البيعة وهو مسلم بن عقبة كما مر.
قال ابن الأثير في الكامل: (2) لما سير يزيد مسلم بن عقبة قال: فإذا ظهرت عليهم فأبحها ثلاثا بما فيها من مال أو دابة أو سلاح فهو للجند، فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس وانظر علي بن الحسين فاكفف عنه واستوص به خيرا فإنه لم يدخل مع الناس، وقد أتاني كتابه وقد كان مروان بن الحكم كلم ابن عمر لما أخرج أهل المدينة عامل يزيد وبني أمية في أن يغيب أهله عنده، فلم يفعل