الحسين عليه السلام فلما انفجر الفجر، نهضت إليه فقلت له: يا ابن رسول الله تعذب نفسك وقد فضلك الله بما فضلك؟ فبكى ثم قال: حدثني عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل عين باكية يوم القيامة إلا أربعة أعين: عين بكت من خشية الله، وعين فقئت في سبيل الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين باتت ساهرة ساجدة يباهي بها الله الملائكة ويقول: انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي، قد جافي بدنه عن المضاجع، يدعوني خوفا من عذابي وطمعا في رحمتي، اشهدوا أني قد غفرت له (1).
وعن سفيان: قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يحمل معه جرابا فيه خبز فيتصدق به، ويقول: إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وعنه قال: كان عليه السلام يقول: ما يسرني بنصيبي من الذل حمر النعم.
وعن عبد الله بن عطا قال: أذنب غلام لعلي بن الحسين عليه السلام ذنبا استحق به العقوبة فأخذ له السوط وقال: " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله " (2) فقال الغلام: وما أنا كذاك إني لأرجو رحمة الله وأخاف عذابه، فألقى السوط وقال: أنت عتيق (3).
وسقط له ابن في بئر فتفزع أهل المدينة لذلك حتى أخرجوه، وكان قائما يصلي، فما زال عن محرابه، فقيل له في ذلك، فقال: ما شعرت، إني كنت أناجي ربا عظيما (4).
وكان له ابن عم يأتيه بالليل متنكرا فيناوله شيئا من الدنانير فيقول: لكن علي بن الحسين لا يواصلني، لا جزاه الله عني خيرا، فيسمع ذلك ويحتمل ويصبر عليه ولا يعرفه بنفسه، فلما مات علي عليه السلام فقدها فحينئذ علم أنه هو كان، فجاء إلى قبره وبكى عليه (5).