لمشيت إليه ولو حبوا.
ولما قدم معاوية دخل إليه سعد فقال له: يا أبا إسحاق ما الذي منعك أن تعينني على الطلب بدم الإمام المظلوم؟ فقال: كنت أقاتل معك عليا؟ وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ قال: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم، وإلا صمتا، قال: أنت الآن أقل عذرا في القعود عن النصرة، فوالله لو سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله ما قاتلته (1).
وقد أحال، فقد سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام أكثر من ذلك فقاتله وهو بعد مفارقته للدنيا يلعنه ويشتمه، ويرى أن ملكه وثبات قدرته بذلك إلا أنه أراد أن يقطع عذر سعد في القعود عن نصره والله المستعان.
فان قال قائل لحمقه وخرقه: فان عليا ندم مما كان منه من النهوض في تلك الأمور، وإراقة تلك الدماء كما ندموا هم في النهوض والقعود.
قيل: كذبت وأحلت لأنه في غير مقام قال: إني قلبت أمري وأمرهم ظهرا لبطن، فما وجدت إلا قتالهم أو الكفر بما جاء محمد صلى الله عليه وآله وقد روي عنه: أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، وروي هذا الحديث من ثمانية عشر وجها عن النبي صلى الله عليه وآله أنك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ولو أظهر ندما بحضرة من سمعوا منه هذا وهو يرويه عن النبي صلى الله عليه وآله لكان مكذبا فيه نفسه، وكان فيهم المهاجرون كعمار والأنصار كأبي الهيثم وأبي أيوب ودونهما فإن لم يتحرج ولم يتورع عن الكذب على من كذب عليه تبوأ مقعده من النار، استحيى من هؤلاء الأعيان من المهاجرين والأنصار.
وعمار الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وآله: عمار مع الحق والحق مع عمار، يدور معه حيث دار، يحلف جهد أيمانه: والله لو بلغوا بنا قصبات هجر لعلمت أنا على الحق وأنهم على الباطل (2) ويحلف أنه قاتل رايته التي أحضرها صفين وهي التي أحضرها