فقال جبرئيل: يا محمد طب نفسا وقر عينا إن صابغ صبغة الله عز وجل يقضي لهما هذا الأمر ويفرح قلوبهما بأي لون شاءا، فأمر يا محمد باحضار الطست والإبريق فأحضرا فقال جبرئيل: يا رسول الله أنا أصب الماء على هذه الخلع وأنت تفركهما بيدك فتصبغ لهما بأي لون شاءا.
فوضع النبي حلة الحسن في الطست فأخذ جبرئيل يصب الماء ثم أقبل النبي على الحسن وقال له: يا قرة عيني بأي لون تريد حلتك؟ فقال: أريدها خضراء ففركها النبي بيده في ذلك الماء، فأخذت بقدرة الله لونا أخضر فائقا كالزبرجد الأخضر، فأخرجها النبي وأعطاها الحسن، فلبسها.
ثم وضع حلة الحسين في الطست وأخذ جبرئيل يصب الماء فالتفت النبي إلى نحو الحسين، وكان له من العمر خمس سنين وقال له: يا قرة عيني أي لون تريد حلتك؟ فقال الحسين: يا جد! أريدها حمراء ففركها النبي بيده في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الأحمر فلبسها الحسين فسر النبي بذلك وتوجه الحسن والحسين إلى أمهما فرحين مسرورين.
فبكى جبرئيل عليه السلام لما شاهد تلك الحال فقال النبي: يا أخي جبرئيل في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي وتحزن؟ فبالله عليك إلا ما أخبرتني فقال جبرئيل: اعلم يا رسول الله أن اختيار ابنيك على اختلاف اللون، فلا بد للحسن أن يسقوه السم ويخضر لون جسده من عظم السم ولابد للحسين أن يقتلوه ويذبحوه ويخضب بدنه من دمه، فبكى النبي وزاد حزنه لذلك.
46 - أقول: وروى الشيخ جعفر بن نما في مثير الأحزان بإسناده عن زوجة العباس بن عبد المطلب وهي أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت: رأيت في النوم قبل مولد الحسين عليه السلام كأن قطع من لحم رسول الله قطعت ووضعت في حجري، فقصصت الرؤيا على رسول الله، فقال: إن صدقت رؤياك فان فاطمة ستلد غلاما وأدفعه إليك لترضعيه، فجرى الأمر على ذلك، فجئت به يوما فوضعته في حجري فبال، فقطرت منه قطرة على ثوبه صلى الله عليه وآله فقرصته فبكى.